×
محافظة المنطقة الشرقية

الياس... رابع محترفي العربي - رياضة محلية

صورة الخبر

أطلقت القيادة التركية منذ أيام عملية "درع الفرات" بمشاركة قواتها مع الجيش السوري الحر، بهدف إعادة سيطرة المعارضة السورية على المناطق الشمالية التي احتلها "داعش" وعناصر قوات سورية الديمقراطية، ولو حددنا أهداف التدخل لكلا الطرفين: السوري المعارض، والقيادة التركية، لوجدناها مختلفة في حقيقتها. فالمنطقة الآمنة بالنسبة للأتراك هي في الأساس "منطقة عازلة" تحمي أمنها الوطني من "داعش" والأكراد؛ إذ توفر لها امتدادا جغرافيا في الأراضي السورية بعيدا عن الحدود التركية، وبالنسبة للمعارضة السورية، هي تعدّ "منطقة آمنة" توفر لها إمدادات وقاعدة آمنة لانطلاق عملياتها ضد نظام الأسد وشركائه. تحرك القيادة التركية في هذا الوقت المتأخر، وبعد اجتماعات مع روسيا وإيران –وهي دول فاعلة في الأزمة السورية ومواقفها على نقيض من المعارضة السورية– ثم أميركا يدفعنا إلى التساؤل وبشك عن حقيقة هذا التحرك في هذا الوقت وبعد هذه اللقاءات؟ لا شك أن اقتراب الأكراد في قوات سورية الديمقراطية من الحدود التركية، والخوف من إقامة كيان كردي بالقرب منها، أثار الأتراك، ولأن التدخل العسكري في منطقة صراع بوجود عدد من اللاعبين يتطلب تنسيقا وترتيبا، وهدف الأتراك منه عدم قيام دولة كردستان، أما الفاعلون الآخرون فالأولويات تختلف. فنظام الأسد وحلفاؤه الإيرانيون والروس يقع اهتمامهم بالجزء الغربي من البلاد، ميناء طرطوس الذي يعدّ موطئ قدم للروس في المنطقة، وإيران يهمها امتداد نفوذها على جنوب لبنان والبحر الأبيض المتوسط وحليفها حزب الله، هذه الاهتمامات عبّر عنها الأسد بصراحة في العام الماضي بقوله، إن جيشه ينسحب من مناطق من أجل الحماية، والحفاظ على مناطق أكثر أهمية أو بالأحرى "سورية المفيدة"، والذي يهم فيها هو الساحل الغربي منها. بالنسبة للولايات المتحدة والغرب، الأهم ألا يتمدد "داعش"، وأن تكون دول المنطقة مشاركة في هذه الحرب لحماية أمنها بدعم وغطاء أميركي، أما أزمة "الحكم" في سورية فيمكن حلها سياسيا. وإن طال أمد الأزمة، فمن الصعب إبقاء سورية موحدة كما قال جون كيري في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، ولذا من الممكن أن تصبح "المنطقة الآمنة" أو "المنطقة العازلة" موضوعا مهما في المفاوضات، ولتكون "الدولة العازلة" بالنسبة للأتراك و"الدولة البديلة" بالنسبة للمعارضة السورية، ويكون الحل السياسي مبنيا على هذا التقسيم الذي يحفظ مصالح الفاعلين فقط، فالأولويات للفاعلين على الأرض "لا تتعارض" باستثناء المعارضة السورية التي تريد "سورية موحدة". الموقف الأهم، هو موقف خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان –حفظه الله– والذي شدد في خطابه في مجلس الشورى نهايات 2015 على أهمية الحفاظ على سورية موحدة تجمع كل الطوائف، وهو الموقف المبني على بعد نظر لأخطار وآثار التقسيم، والتي بالتأكيد لن تكتفي بسورية بل ستمتد للمنطقة، ولذا كانت سياسة المملكة الخارجية في الملف السوري ترتكز على أهمية إسقاط الأسد سياسيا أو عسكريا، وأن لا مستقبل له في سورية، لأن بإسقاطه لن توجد سورية مفيدة وسيتحقق للشعب المطلب الرئيسي الذي أشعل هذه الأزمة، والآن وفي غمرة التدخلات المباشرة يكمن الحل السوي في بلورة موقف عربي صريح يتبنى رؤية الملك سلمان والمملكة، ويحفظ الأمن القومي العربي، وذلك بدعم المعارضة السورية المعتدلة سياسيا وعسكريا، ليفرض الحل الواقعي ميدانيا على كل الأطراف والمتمثل في وجود سورية موحدة ودون الأسد، وألا تطغى المصالح القطرية الضيقة في الإقليم على المصلحة الأهم، المتمثلة في استقرار المنطقة.