تحافظ العوامل الرئيسة التي دعمت أداء اقتصادات الخليج خلال الأعوام الماضية على متانتها، ويُتوقَّع نمو الناتج المحلي الإجمالي لدول مجلس التعاون الخليجي بنسبة ستة في المئة عام 2014، أي بنسبة أعلى مما كان متوقعاً سابقاً وبزيادة نحو واحد في المئة. ويعزى هذا التعديل في التوقعات إلى الإنفاق الحكومي وتحسن ظروف القطاع الخاص، ما يعزز نمو القطاعات غير النفطية بما يتراوح ما بين ستة وثمانية في المئة عام 2014. ويُرجَّح أن يبلغ متوسط أسعار النفط 100 دولار للبرميل عام 2014. وانخفضت أسعار النفط إلى ما يقارب هذا المستوى من متوسطها البالغ 110 دولارات للبرميل في النصف الأول من 2013، مدفوعة جزئياً بالعوامل الموسمية. ولكن نظراً إلى الآفاق الضبابية للطلب على النفط، وارتفاع الإمدادات من خارج دول «أوبك»، تبدو الأخطار التي تواجه أساسيات سوق النفط في 2014 متوازنة. وجاء خفض الإنتاج النفطي في دول مجلس التعاون الخليجي أسرع من المتوقع، ويُرجَّح أن يكون الناتج المحلي الإجمالي النفطي لدول الخليج تراجع بواقع اثنين في المئة بالأسعار الثابتة العام الماضي، ولكنه سيبقى ثابتاً عام 2014. بيد أن ذلك سيبقي الإنتاج النفطي عند مستوياته المرتفعة تاريخياً. ومع بقاء أسعار النفط عند 100 دولار للبرميل عام 2014، سيكون ذلك كافياً لتمويل الإنفاق الحكومي المتزايد من دون استنزاف الاحتياطات المالية في معظم الدول الخليجية، على الأقل في المدى القريب. ويتمثل التحدي الرئيس أمام هذه التوقعات لنمو الاقتصاد الخليجي في تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي على نحو أكبر من المتوقع، إذ قد تنخفض أسعار النفط إلى أقل من 100 دولار لفترة طويلة، ما من شأنه أن يدفع الحكومات إلى خفض برامجها الإنفاقية. أما التحدي الآخر وإن كان أقل احتمالاً فهو أن يؤدي النمو القوي في القطاع الاستهلاكي، إلى جانب التنفيذ السريع للمشاريع لدول مجلس التعاون الخليجي، إلى تزايد الضغوط التضخمية ويفرض تحديات أمام السياسة النقدية وأسعار الصرف. وتوجد عوامل من شأنها أن تساهم في إبقاء معدل التضخم الخليجي عند اثنين - ثلاثة في المئة عام 2014، وتشمل استقرار أسعار المواد الغذائية عالمياً والدولار القوي نسبياً والذي سيساعد على احتواء أسعار الواردات ومعدلات التضخم المنخفضة عند معظم الشركاء التجاريين. ويتوقع أن تبقى السياسة المالية توسعية على الأرجح، مع ارتفاع إجمالي الإنفاق الحكومي في دول مجلس التعاون الخليجي بواقع ستة - سبعة في المئة سنوياً عام 2014. وعلى رغم أن هذه النسبة هي أقل من وتيرتها في السنوات الأخيرة، فهي ستكون ملائمة لمواصلة الإنفاق على مشاريع البنية التحتية والطاقة وبرامج التنمية الاقتصادية الأخرى. ويُنتظر تراجع إجمالي الفائض المالي الخليجي من 12 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي الخليجي عام 2012 إلى ثمانية في المئة عام 2014 بسبب التراجع الطفيف في الإيرادات النفطية. وفي الوقت ذاته، ستظل السياسة النقدية أيضاً تسهيلية، مع بقاء أسعار الفائدة الرئيسة على الإقراض في معظم الدول الخليجية عند مستوى اثنين في المئة أو أدنى عام 2014. أما العودة البطيئة إلى أسعار الفائدة المرتفعة في الولايات المتحدة والتي لا تزال بعيدة بعض الشيء، فتشير إلى أن أي تشدد في السياسة النقدية في دول الخليج سيكون على الأرجح تدريجياً، ولن يكون خلال 2014. وتطمح دول مجلس التعاون الخليجي خلال ما تبقى من هذا العقد إلى رفع مساهمة القطاع الصناعي في ناتجها المحلي الإجمالي إلى 25 في المئة، بحلول 2020 مقارنة بنحو 10 في المئة في الوقت الحالي ما يعكس النمو المتواصل لهذا القطاع وحجم الاستثمارات الحكومية والخاصة المتجهة نحو المشاريع الصناعية. ويتوقع أن يبلغ حجم الاستثمار الصناعي الخليجي قرابة تريليون دولار بحلول 2020، بعد انتهاء دول المجلس من تجهيز المدن الصناعية التي يجري العمل فيها في الوقت الراهن، مقارنة بنحو 323 بليون دولار حالياً. وتعمل دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية على تعزيز القطاع الصناعي من ضمن استراتيجياتها الوطنية وخططها القائمة على تنويع مصادر الدخل تلافياً للاعتماد على الموارد الهيدروكربونية كمصدر وحيد للدخل. وأدركت دول المجلس مبكراً أن الصناعة وسيلة أساسية لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية ولتنويع مصادر الدخل وإيجاد فرص استثمارية واقتصادية في قطاعات غير النفط والغاز، علاوة على دورها في دعم الجهود الحثيثة للحكومات الخليجية للتعامل مع تحدي زيادة توظيف المواطنين في القطاع الخاص. الرئيس التنفيذي لـ «مجموعة البركة المصرفية»