عندما كان منتخبنا الوطني يخوض نزاله الثاني أمام مضيفه «العراق» في ملعب «علم شاه» في ماليزيا، جاءتني الرسالة التالية من أخي وصديقي العزيز «عبدالمجيد إدريس» الذي يحمل ماجستير في الإعلام ويعمل في «الهيئة العامة لمكافحة الفساد».. يقول عبدالمجيد في سطورٍ مهمة ومؤثرة: «عاشت المملكة نهضة اجتماعية في السبعينيات الميلادية كان من نتائجها الصغيرة ظهور منتخبنا الوطني بطلا لآسيا ورقمها الثابت في الثمانينيّات والتسعينيات، ومن ثم بدأ الانحدار من الألفية لأسباب تعود إلى مشكلات اجتماعية أخرى شكلت وهن وضعف هذا المجتمع. كرة القدم أو الرياضة بشكل عام غدت مرآة للمجتمعات أو كما يقول أحد المحللين الرياضيين المكسيكيين: (إن أي منتخب لكأس العالم يعكس النموذج الاجتماعي لبلاده، فمنتخب إسبانيا الذي فاز بكأس العالم عكس حلم الطبقة الوسطى في البروز، بينما عكس منتخب فرنسا عام 98 تطلع فرنسا للتعدد الإثني)، أو كما قال المحلل المكسيكي. الأوليمبياد مرآة كبيرة للدول والمجتمعات. والشخص المؤثر في المجتمع السعودي هو ذلك الذي يجب عليه إعادة النظر في مجتمعه وإنعاشه ليس فقط بمسكنات بل بالترحم عليه ودفنه بطريقة غير مستفزة، ومن ثم إحياء كائن آخر.»..(انتهى) كلما سألت زميلاً أو صديقاً عن مباراة أخضرنا قبل أن تبدأ، جاءتني الإجابة بأن الأمر لم يعد يمثل لهم شيئاً كبيراً، وأن الطبيعي هو الخسارة فيما انتصارنا سيكون غير طبيعي لأننا لا نملك أدوات الفوز والتفوق في الوقت الحالي! هناك مسؤولون وكتاب يقولون إنهم متفائلون وإنهم (يحسون) بأن المنتخب سيقلب الطاولة ويفاجئ الجميع ويتأهل من أصعب الطرق! لكن كرة القدم لا تعترف بالإحساسات أو الأحاسيس أو التفاؤلات أو الأمنيات! كرة القدم لها حقائق ومعطيات ووقائع، كل هذه الأشياء تقول إننا نعيش أسوأ مراحلنا ويجب أن نعرف أولاً لماذا نحن كذلك أو لماذا وصلنا إلى هذه المرحلة إذا أردنا التصحيح! بغض النظر عن نتيجتي المباراتين الماضيتين، فإن أمامنا وقتا جيدا لمعالجة (الخللات) العديدة داخل الجسد الهزيل للأخضز، لأنه تنتظرنا أمامنا منافسات شرسة مع منتخبات أكثر شراسة وتقدما وتطوراً! لذا من المهم، وفي كل الحالات، يجب أن نعمل على المنتخب بشكل جديد ونعالج الأسباب الحقيقية في تدهوره سواء المنتخب الأول، وإزاء ذلك يجب أن نفكر بجدية في دراسة الملف الرياضي السعودي الذي (أسّ) مأساته، كما أراه وأتصوره، يكمن في غياب الفكر الإداري الحديث الذي يعرف كيف يصنع عقلية اللاعب أولاً، أيْ رعاية الموهبة وصناعتها معاً بتطويرها مهارة وفكراً ووعياً في آن! لقد كشف لاعب قديم في المنتخب هو «عبدالله سليمان» في حوار قبل سنوات علة اللاعب السعودي وأن «العقلية صفر»! علينا أخذ كلامه مأخذ الجد، فحين تكون العقلية هكذا فإن الموهبة قد تلمع فجأة ولوقت قصير ثم تنطفئ تماماً! والدليل أنه كلما بزغ نجم مجموعة (ما) لتشكل منتخباً قوياً أفل سريعاً بعد مشاركة أو خوض بطولة واحدة! الحقوا المنتخبات السنية ومنتخب الشباب واعملوا على صياغتها من جديد ببرامج تثقيفية غير تقليدية تسير جنباً إلى جنب مع البرامج التدريبية! «دون الشفافية والمكاشفة والصراحة لن يحدث أي تصحيح، ففي هذه الكلمات يكمن المعنى وعلينا التفكير»!.