أشاد خبراء اقتصاديون بزيارة ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان إلى اليابان، متوقعين ظهور نتائجها الإيجابية في المستقبل القريب. مؤكدين لـ"سبق" أن "رؤية المملكة 2030" من شأنها جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية إلى السعودية، ومن ثم فتح الأسواق العالمية أمام الاقتصاد السعودي. ولم يستبعدوا أن تكون اليابان التي تعد أحد أهم الدول الصناعية الكبرى على مستوى العالم، أحد المستثمرين المهمين في السعودية، حيث يبلغ حجم اقتصادها نحو 4 تريليونات دولار، وهي الشريك التجاري الثالث بعد أمريكا وفرنسا. وأشاروا إلى أن نتائج زيارة ولي ولي العهد عكست اهتماماً يابانياً بتوسيع الشراكة الإستراتيجية مع المملكة في كثير من المجالات، متوقعين أن يرتفع عدد الشركات اليابانية العاملة في المملكة من 90 إلى 200 شركة خلال السنوات الأربع القادمة. شريك مهم في السياق ذاته أكد لـ"سبق" الاقتصادي جمال بنون، أن العلاقات السعودية اليابانية تمتد إلى أكثر من 60 عاماً، فهناك ما يقرب من 90 شركة يابانية تعمل في السوق السعودية، بيد أن رؤية المملكة 2030 وضعت الكثير من التسهيلات وفتحت الباب للاستثمار في قطاع التجزئة، وسوف تمكن الكثير من الشركات الكبرى في الدخول للسوق السعودي. وحول أهمية اجتذاب السعودية للاستثمار الياباني، قال بنون: اليابان سترى في السعودية شريكاً مهماً وإستراتيجياً، حيث تعد ثالث أكبر شريك تجاري للسعودية بعد أمريكا وفرنسا، وستكون محطة متميزة للتصدير للخارج من خلال الموانئ السعودية إلى دول إفريقيا، كما تعد السعودية شريكاً مهماً لليابان باعتبارها أكبر دولة في العالم من حيث إنتاج الطاقة، مشيراً إلى أن زيارة ولي ولي العهد جاءت لتعميق العلاقات الإستراتيجية القديمة. وحول أبرز التوقعات خلال المرحلة القادمة، قال: المميزات التي أعلنتها السعودية في رؤية 2030 سوف تفتح المجال مباشرة وبدون وسيط، متوقعاً أن يدخل السوق السعودي 200 شركة يابانية قبل عام 2020م في مجالات متعددة أهمها "التقنية، البتروكيماويات، البناء، المقاولات وصناعة الأدوية". انعاش الاقتصاد ونوه إلى ضرورة أن تكون البيئة الاستثمارية السعودية أكثر إغراءً للشركات الأجنبية، وقال: نحتاج إلى التوسع في المناطق الحرة وأيضاً تخطيط مناطق استثمارية وصناعية بشكل جيد، كما أننا نحتاج إلى مدن استثمارية على غرار مدينة الجبيل الصناعية، متسائلاً: لماذا لا تكرر التجربة؟. وعن حجم الاستثمارات اليابانية في السعودية، أجاب بنون: لا تزيد عن 90 مشروعاً كما أشرنا سابقاً، وتتراوح نسبتها بين 15 -20 ملياراً، وهذا مبلغ ضعيف جداً بالنسبة لأحد أهم الدول الصناعية في العالم، وتوقع أن تصل في الأربع سنوات القادمة ما بين 60- 70 ملياراً. وتابع: مما لا شك فيه أن جذب الاستثمار الأجنبي يفيد أبناء البلد بشكل كبير ويخلق المزيد من فرص العمل، بيد أن اليابان واحدة من الدول المتقدمة في مجال التعامل الآلي وتخفيض تكلفة التشغيل، ولا أعتقد أن الاستثمار الياباني سيوفر فرص عمل بالحجم الذي نتخيله. وأكد بنون أن الاستقرار السياسي والأمني له دور كبير باجتذاب الاستثمارات الأجنبية، والتي بدورها تعطي ثقلاً وثقة للسوق السعودي، لافتاً إلى أن ضخ مبالغ للاستثمار سوف تساهم في إنعاش السوق السعودي، وتعد دفعة لكبرى الشركات لخلق بيئة عمل قوية يتعلم فيها الشباب السعودي. وأوضح بنون أن جذب الشركات الكبرى يعد رسالة هامة إلى الوكلاء في السعودية لتحسين خدماتها ولا مجال للاحتكار، والوكيل الذي يقدم خدمات لا تليق بالمستهلك سيكون خارج دائرة الاهتمام الاستثماري في المرحلة القادمة. تعزيز التعاون من جهته رأى رئيس مركز "جوانا" الاستشاري الدكتور إحسان بو حليقة أن زيارة الأمير محمد بن سلمان جاء فيها الشق الاقتصادي موازياً للشق السياسي، ما يؤكد استهداف الاقتصاديات الرئيسية في العالم، فمن المعروف أن الاقتصاد الياباني من الاقتصاديات الرئيسة في العالم إذ يبلغ حجمه 4 تريليونات دولار، مع الأخذ في الاعتبار أن هذه الاقتصاديات تمثل أحد أهم الشركاء التجاريين في السعودية، فلا ننسى أن الصين مثلاً أكبر مستورد للنفط. وعن حجم التبادل التجاري بين السعودية واليابان قال: 13% من إجمالي الصادرات، 6% من الواردات للمملكة، متوقعاً زيادته في المرحلة القادمة في حال صعود سعر النفط، وتسعى السعودية لزيادة صادراتها النفطية لليابان، فآسيا هي السوق الأهم للنفط السعودي. ورداً على الهدف من الزيارة أجاب: جاءت زيارة اليابان من منطلق تعزيز التعاون وتنشيط الاستثمارات داخل المملكة، لافتاً أن اليابان سباقة في الاستثمار داخل السعودية منذ السبعينيات، كما أنها استجابت في ذلك الوقت لمساعي المملكة لتأـسيس صناعة للبتروكيماويات. وأضاف أن الشركات اليابانية الكبرى تستوعب الآن أن السعودية على أعتاب مرحلة جديدة من خلال "رؤية 2030"، والعديد من الشركات تدرك أن عليها تطوير العلاقة مع السعودية وتنتقل من العلاقات التقليدية القديمة إلى علاقة شراكة حقيقية تسمح لها بالاستثمار داخل السعودية . تنويع الاقتصاد وبسؤاله حول الاستفادة التي سوف تعم على السعودية جراء الاستثمار الياباني المتوقع في المرحلة القادمة، أفاد بوحليقة أن الاستثمارات اليابانية تأسست على المعرفة والاستفادة من الموارد البشرية والابتكارات وليس على الموارد الطبيعية، إضافة إلى أن العديد من الشركات اليابانية يتسع نشاطها إلى العالمية ولديها أسواق في جميع أنحاء العالم، ما سيفيد السعودية كثيراً من الناحية التقنية والاستثمار وفتح أسواق، بمعنى أن استثمارات اليابان داخل السعودية من شأنها أن تفتح السوق العالمي أمام السعودية. وزاد قائلاً: رؤية 2030 تسعى إلى الاستثمار المباشر ليس من باب استقطاب رأس المال فقط، ولكن لاستقطاب التقنية وفتح أعمال وتوليد فرص عمل ووظائف، وعن أهم مميزات الاستثمار الياباني داخل السعودية قال: توليد فرص عمل وتوليد فرص للمنشآت المحلية والمتوسطة والصغيرة، كما أن إنتاج هذه الشركات سوف ينمي الصادرات أو يحل محل الواردات أو الاثنين معاً، مشيراً أن الاقتصاد الياباني سيساهم في تنويع الاقتصاد السعودي وهو ما تدعو إليه "رؤية 2030" والانتقال من الريع إلى الإنتاج. وأعرب بوحليقة عن تفاؤله بالزيارة، وقال: قدمت السعودية الخطوة الأولى وفي انتظار الأطراف الأخرى أن تقدم الخطوات القادمة، وجميع البوادر والمؤشرات تدعونا إلى التفاؤل.