×
محافظة المنطقة الشرقية

"اطردوا اللاجئين، يريدون الحفاظ على ثقافتهم".. هذه أبرز مخاوف الدنماركيين من المهاجرين

صورة الخبر

لما جف الدمع من البكاء علي تلك الأراضي، وتفطّر القلب حزناً، وسئمت الروح الثائرة من الهتاف؛ لكثرة ما تحملت من عناء، وكثرة ما لاقت من إخماد الظلام لهذا النور المتوهج المنبعث من كنف الحق، كفت قلوب المحبين عن بث تلك المشاعر إلى تلك الأرض التي كتب عليها الظلم لعشرات السنوات، وظن الأحباب أن اللقاء مستحيل، فالفصل طريق طويل حالك السواد لا التقاء فيه، أحمر الحواف من كثرة ما لقي من الدماء التي سالت على جنبيه، هذا الطريق لا ينتهي بسالكه إلا إلى زنزانة أكثر عتمة من الطريق، أو إلى قبر تنعم فيه برضوان الله. ولما أودعنا الله هذه الأرض وبث فينا من روحه لنعمرها ونعبده حق العبادة، وجدت أن تلك المهمتين قد أضيرا في هذه البلاد التي ضاقت ذرعاً بالمحبين، فصارت العناء لكل محب، وصارت ملاذاً للظلمة وأولي السرقة، فصارت أرض السارقين، ولم تعد أرض المحبين، كما كانت، فضاق علي كل شيء، وأدركت أن الإيمان بالمكوث هنا ما هو إلا إيمان بأن الانتحار قد يقودنا إلى الجنان العلا، وهذا كذب، أيقنت أن المستقبل هنا هو مستقبل باهت لا معالم له. لطالب مثلي اختار أن يتخصص في العلوم السياسية، فصار كل شيء أمامه جلياً، فأصبح مشاكساً لهم، ومجرماً في نظرهم، فإجرامك عند هؤلاء أن تعرف وتدري وتتصرف عن علم، أما إذا جهلت وسرت بعقل الدهماء لا هم لك سوى حاجاتك البيولوجية، ليس أكثر، فأنت في نظر المتحكمين مواطن طيع مطيع صالح تحرص على مصلحة بلادهم لا بلادك، فمنذ أن تطلعت إلى المعرفة صارت الحياة كئيبة في بلاد السلب والنهب، فأن تعرف أكثر في تلك البلاد يعني أنك تواجه مخاطر أكبر. حتى العلم الذي لم أجد سلوى حياتي إلا في طلبه، وعزمت أن أفني عمري ملبياً لكلام العليم سبحانه وتعالى، لم أر سوى الإيذاء لحامليه، فأصبح عنصراً طارداً لهم من بلاد اعتادت على حكم الجهلاء، فلا سواد لظلم أو استبداد سوى بالتجهيل، فذاك طبع غلاب على من لا سطوة لهم إلا بالقتل والاعتقال، فذوو العلم لهم أعداء، كما قال الشاعر: والجاهلون لأهل العلم أعداء. وما أضحى غدى إلا أنه أشد سواداً من أمسي، وما صارت لي رغبة سوى هجران أرض الظالمين إلى بلاد تعترف بي كإنسان ليس أكثر، وها أنا ذا أطلب في هذه الكلمات صريحاً أن يدلني أحد على أي طريق، إلى أي أرض يقام فيها شرع الإنسانية، ستكون وقتها بلادي التي نشأت، وما النشأة بعمر مر في أرض، بل إنه بحياة آدمية قد مورست في بلاد، وإني لأحسب بذلك أن عمري لا يتعدى البضع سنوات. إن رسالتي في هذه الحياة هي العلم، ولا أبغي شيئاً سواه، ووطن العلم هو كل أرض يراعى فيها الإنسان، فليكن حلي وترحالي حتى أجد هذه الأرض. باحت نفسي بهذه الكلمات بعدما صار اليوم كالأمس، كله حالك السواد، وراح الأمل مع تلك الدماء التي أسيلت وتلك الأعمار التي راحت في ظلام وغياهب السجون. ملحوظة: التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.