بعض تصريحات المسؤولين تثير عجب المواطنين، بل قد تصيب المواطن بنوعٍ من الصدمة والذهول، يفقد خلالها بعضاً من اتزانه العقلي والانفعالي؛ فإمّا أن يشك في وعيه وفهمه القاصر عن بلوغ دلالات ومغزى تصريح المسؤول، أو يوقن بوجود منطقةٍ عازلة ومنفصلة بين التصريح والواقع؛ تحددها المسافة بين المكاتب الفارهة المغلقة، والحياة الكادحة المرهقة، التي تتسع وتتزايد مع كل تصريحٍ يُحرِّض على الضحك أو البكاء..! من الشواهد على تلك التصريحات العجيبة؛ ما وصف به وزير النقل طرقنا، حيث أكد أنّ (كل الطرق صُمِّمت على مواصفاتٍ عالمية)، وقد يكون معاليه محقاً فيما قال إن قصد (مرحلة التصميم) على الأوراق لا (التنفيذ) على أرض الواقع، أو ربما أراد الإشارة إلى بعض الطرق في الأحياء الراقية والمدن الرئيسة، التي تختلف كلياً عن معظم الطرق في المملكة، خصوصاً تلك الطرق داخل المدن التي يسلكها المواطنون يومياً، ولا تتوفر فيها من المواصفات التي ذكرها الوزير سوى مواصفات الخطورة؛ بسبب رداءة تنفيذها، وكثرة حفرها وحفرياتها، وسوء صيانتها..! أما أفضل المواصفات العالمية التي أشار إليها الوزير؛ فتتجلى في حال (طرق الموت) التي تنتشر مسمياتها بين أغلب المناطق؛ حيث لا تكاد تخلو منطقة من مناطق المملكة من وجود طريقٍ يحمل هذا الاسم المرعب، نظراً لكثرة ضحاياه وحوادثه المؤلمة، ومع أنّ هناك عدة أسبابٍ لتلك الحوادث كالسرعة وضعف الرقابة، إلا أنّ تلك الطرق القاتلة، ذات المنعطفات الخطرة، والمسارات المفردة الضيقة، لم تمنحنا من صفات العالمية إلا (الفوز) بالمركز الأول عالمياً في الحوادث المرورية..! ختاماً، يا وزير النقل؛ حبذا لو تجولت بسيارتك الخاصة في جميع مناطق المملكة، ثم أجِبنا بعد ذلك: أين مواصفات طرقنا العالمية..؟!