تونس: المنجي السعيداني دعا رئيس الحكومة التونسية علي العريض، أمس، المجموعات الإرهابية إلى إلقاء السلاح وتسليم أنفسهم للأمن والدولة، واعدا المتشددين أن يأخذ القضاء توبتهم بعين الاعتبار. في وقت أكدت فيه مصادر أمنية أن الشرطة قتلت متشددا أمس، وألقت القبض على عدد آخرين، في حين تواجه الحكومة أزمات أمنية وسياسية متزايدة. وقال العريض في مؤتمر صحافي عقده بوزارة الداخلية أمس، موجها كلامه للإرهابيين: «ليس لكم مستقبل في تونس، والأجدى بكم تسليم أنفسكم وأسلحتكم للأمن والدولة». وأضاف: «القضاء سيأخذ ذلك بعين الاعتبار». وأثنى على مجهودات قوات الأمن خاصة بعد كشفها مسبقا محاولات إرهابية في سوسة والوردية القريبة من العاصمة. وقال إن «العناصر التي ألقت قوات الأمن القبض عليها خلال عمليات أمس وأول من أمس هي من بين «العناصر المطلوبة في قضية اغتيال (القيادي اليساري شكري) بلعيد». ودعا العريض التونسيين إلى الالتزام بإبرام عقود قانونية عند القيام بتأجير منازلهم، بعد توالي الكشف عن تخزين أسلحة من قبل مجموعات متشددة في منازل معدة للتأجير. وقال إن «الإرهاب المضاد للحياة.. ليس له مستقبل في البلاد وعملية إفشاله تنطلق من مواصلة التونسيين لحياتهم العادية وألا يتركوا فرصة أمام المخربين للعبث بمصيرهم». في غضون ذلك، أكد لطفي الحيدوري المسؤول الإعلامي بوزارة الداخلية التونسية مقتل مسلح متشدد وجرح آخر واعتقال خمسة آخرين بمنزل معد لتخزين الأسلحة في منطقة الكبارية القريبة من العاصمة. وقالت مصادر أمنية لـ«الشرق الأوسط» إن «الوزارة وفي إطار متابعة تحركات المتهمين بالإرهاب والمورطين في أعمال إجرامية سابقة ولدواع أمنية، داهمت وحدة من فرقة مكافحة الإرهاب فجرا (أمس) منزل أحد المشتبه بهم في الكبارية وتبادلت إطلاق النار مع المتهمين مما أدى إلى مقتل أحدهم واندلاع النيران في المنزل». وعثرت قوات الأمن على سلاح كلاشنيكوف وقنبلتين يدويتين وعلى الرصاص الحي. ورجحت مصادر أمنية في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن تكون المجموعة الإرهابية التي داهمتها فرقة مكافحة الإرهاب على علاقة بمقتل القيادي اليساري شكري بلعيد. وذكرت مصادر مختلفة أن وحدات الأمن ألقت القبض على أحد المهمين الرئيسين في مقتل بلعيد، إلا أنها تكتمت عن الأمر لوجود أربعة متهمين آخرين في حالة فرار. وتأتي كل هذه الأحداث في ظل علاقة متأزمة بين الحكومة والمعارضة التي تطالب بحل المجلس التأسيسي (البرلمان) وإسقاط الحكومة، وذلك بتنظيم «اعتصام الرحيل» قبالة مقر المجلس التأسيسي بباردو، في حين سعى الائتلاف الثلاثي الحاكم الذي تقوده حركة النهضة إلى تأكيد شرعية وجودها من خلال مليونية احتضنتها ساحة الحكومة بالقصبة في العاصمة التونسية ليلة الأحد. ومع تنامي أعمال العنف والإرهاب وبعد تعرض ثمانية عسكريين إلى الاغتيال، كثفت قوات الأمن والحرس من تحركاتها وحاصرت معاقل المجموعات المتشددة. وخلال الأيام القلية الماضية استهدفت عبوة ناسفة مزروعة على الطريق في منطقة المحمدية دورية لقوات الأمن، كما زرعت قنبلة تقليدية الصنع ضد سيارة في منطقة الكرم بالضاحية، ولم تسجل تلك الانفجارات إصابات في صفوف الأمنيين، إلا أنها أعلنت فتح أبواب المواجهة بين قوات الأمن والجيش والمجموعات المتشددة. وكانت منطقة الجديدة القريبة من العاصمة ومدينة منزل بورقيبة (60 كلم شمال العاصمة) قد عرفتا محاولات تصنيع قنابل تقليدية الصنع مما أدى إلى انفجارها في وجوه محاولي تصنيعها. وقالت وزارة الداخلية في بلاغ لها، إنها تمكنت من إحباط محاولة اغتيال سياسي ثالث كانت تستهدف أحد الشخصيات السياسية المهمة في نظام بن علي، وأكدت قبضها على شخصين وهي بصدد تعقب شخص ثالث كما حجزت كمية من الأسلحة كانت مع المجموعة الإرهابية. وفي منطقة «الربايع» التابعة لمدينة بن قردان الواقعة على الحدود التونسية الليبية، أوقفت قوات الحرس شخصين كانا بصدد نقل كمية من الأسلحة والذخيرة من بينها قنابل آر بي جي، وذلك بعد أن لاذ أحدهما بالفرار وتعرض لمطاردة قوات الأمن التي أطلقت عليه النار وأصابته بجروح. وقالت مصادر أمنية إن أحد الموقوفين انتمى سابقا إلى ما يعرف بـ«مجموعة سليمان» التي نفذت مواجهات مسلحة مع قوات الأمن نهاية سنة 2007 ووقع تسريحه خلال العفو التشريعي العام الصادر سنة 2011. وكان عشرات الآلاف من التونسيين خرجوا أول من أمس في استعراض للقوة من جانب حزب النهضة الحاكم، في حين خرج معارضون في مسيرات أمس للرد على مظاهرات النهضة. وتجمع أنصار حزب النهضة الحاكم في ميدان القصبة في العاصمة تونس وهم يهتفون: «لا للانقلابات، نعم للانتخابات» في إظهار للقوة للحكومة في إحدى أكبر مظاهرات تشهدها تونس منذ ثورة 2011. وإلى جانب مظاهرات أمس تعتزم المعارضة الخروج في احتجاجات يوم الأربعاء في ذكرى مرور ستة أشهر على اغتيال المعارض اليساري شكري بلعيد.