رتبت أموري لكتابة روايتي وقد سافرت ذلك الخريف إلى هوكايدو لأسبوع لأجري بحثاً من أجلها. كنت قد أنهيت رواية «مطاردة خروف جامح» بحلول شهر أبريل التالي، كنت مصمماً على أنها مسألة حياة أو موت، لذا علي بذل كل طاقتي فيها. كانت هذه الرواية أطول بكثير من روايتيّ السابقتين وأوسع مجالاً وأكثر تركيزاً في الحبكة. شعرت بإحساس جيد حين أنهيت الرواية بأني قد ابتكرت أسلوبي الخاص في الكتابة. كان جسدي بأكمله مفتوناً بالتفكير كم هو رائع وكم هو صعب أن أكون قادراً على الجلوس إلى مكتبي، دون أن أقلق لمرور الوقت، مركزاً على الكتابة. كان ثمة عروق فيّ ما زالت هاجعة لم تمسّ، شعرت أنني يمكنني، وقد تحقق ذلك الآن فعلاً، أن أعتاش من كتابة الرواية، وهكذا لم تراودني فكرة افتتاح نادٍ مرة أخرى أبداً. ولكن رغم ذلك يخطر لي أحياناً كم هو لطيف إدارة نادٍ صغير في مكان ما. لم تعجب روايةُ «مطاردة خروف جامح» المحررين في جونزو الذين كانوا يبحثون عن شيء مألوف أكثر، وأذكر كيف كان تلقيهم فاتراً، لقد بدا الأمر في حينها أن مفهومي عن الرواية لم يكن تقليدياً (وأتساءل كيف هو الآن)، وبدا أن القراء أحبوا هذا الكتاب الجديد، وهذا ما جعلني أكثر سعادة. كانت هذه نقطة البداية الحقيقية لي كروائي، أظن أنني لو واصلت كتابة روايات حسية كالتي كتبتها أثناء إدارتي للنادي - اسمع غناء الريح والكرة والدبابيس 1973 - لكنت قد وصلت إلى نهاية مميتة. لقد واجهت مشكلة، مع ذلك، بقراري في أن أصبح كاتباً محترفاً؛ مشكلة البقاء لائقاً جسدياً. كنت سأكتسب الوزن إن لم أفعل شيئاً، وقد كانت إدارة النادي تتطلب مجهوداً جسدياً كل يوم، وكان باستطاعتي الحفاظ على وزني، ولكن عندما بدأت الجلوس إلى مكتبي للكتابة طوال اليوم، كان مستوى طاقتي يهبط تدريجياً وأخذت أكتسب بضعة أرطال. كنت أدخن كثيراً أيضاً حين كنت أركز في عملي، كنت حينئذٍ أدخن ستين سيجارة في اليوم. كانت أصابعي كلها صفراء، وتنبعث رائحة الدخان من كل جسدي. ورأيت أن هذا لا يمكن أن يكون في صالحي أبداً، فإن كنت أرغب بحياة مديدة كروائي، فعليّ العثور على وسيلة تحفظ لياقتي وتبقي وزني صحياً. للجري فوائد كثيرة، أولها أنك لا تحتاج إلى شخص آخر لتقوم به ولا تحتاج لمعدات خاصة، كما أنه ليس عليك الذهاب إلى أي مكان خاص لتقوم بذلك، فما دمت تملك حذاء جري وطريقاً جيداً يمكنك أن تجري بقدر ما تريد. ليس الأمر نفسه بالنسبة للتنس، إِذْ عليك أن تتجه إلى ملعب التنس وستكون بحاجة لشخص آخر يلعب معك، صحيح أن السباحة تقوم بها وحدك لكن ما يزال عليك الذهاب إلى الحوض. بعد أن أغلقت النادي، غيرت نمط حياتي كلياً، لذا انتقلنا إلى ناراشينو في إقليم شيبا. لقد كانت ريفية تماماً في ذلك الوقت ولم يكن هنالك أي مبانٍ رياضية لائقة، لكن كانت هنالك طرق. كانت هنالك قاعدة قريبة لقوات الدفاع الذاتي، لذا حافظوا على صيانة الطرق من أجل آلياتهم، كما كان هنالك لحسن الحظ ساحة تدريب في الجوار تابعة لجامعة نيهون، وإن ذهبت في الصباح الباكر يمكنني استخدامها بحرية، أو ربما علي القول استعارة مضمارها دون إذن، لذا لم يكن علي التفكير كثيراً بأي رياضة سأختار - ولا يعني ذلك أن لديّ خيارات كثيرة - حين قررت أن أتجه للجري. - ترجمة/ بثينة الإبراهيم