×
محافظة المنطقة الشرقية

«سعود الطبية» تؤهل جيل متخصص في «طب الطوارئ»

صورة الخبر

يوسف أبولوز لست مع الفنان اليمني أيمن عثمان، الذي أقدم قبل أيام على حرق أعماله التشكيلية أمام وزارة الثقافة اليمنية، احتجاجاً على قمع ميليشيات الحوثي، فهذا ما تريده ميليشيات الجهل والتخلّف.. تريد قتل روح الإنسان، ومعه، روح الفن اليمني الذي لم يشهد سلسلة من الانتكاسات والهوان في فترة هيمنة الحوثي فقط، بل، وقبل ذلك في فترة حكم علي عبدالله صالح، صاحب العقلية العسكرية الانقلابية ليس بالمفهوم السياسي فقط، بل، والانقلاب على الثقافة والعلم والفنون وكل ما له صلة بالإبداع. روح الإبداع عند الشعب اليمني الأصيل لا تقل عن أي روح خلاّقة في المحيط العربي، فاليمني، بطبعه وفطرته يميل إلى عبقرية الفن استناداً إلى طبيعته وثقافته، ولكن البيئة السياسية الخانقة أو بالأحرى بيئة السلطة السياسية المختزلة في فرد أو في جماعة أقلية هي وراء خنق الفن والإبداع في اليمن. عدا عن الغناء، فلا نعثر على تجارب في الفن التشكيلي ماثلة بقوة في اليمن أو تضاهي حركة التشكيل العربي المتقدمة، وعلى مستوى المسرح فالوضع أكثر سوءاً، ولا يُعرف في اليمن أثناء حكم علي عبدالله صالح عن تظاهرة عربية لمعرض كتاب، وبالطبع تراجع في صناعة الكتاب والنشر، وتراجع أكثر فدحاً في العمل المؤسسي الثقافي.. هذا هو زمن علي عبدالله صالح، وهذه تركته على المستوى الثقافي، وجاء الحوثي لكي يزيد الطين طيناً آخر. من هذه الزاوية تحديداً، أي من زاوية الوضع المأساوي الثقافي اليمني، لم أؤيد إقدام أيمن عثمان على حرق أعماله الفنية، بل كان عليه أن يقاوم كل هذا التخلّف بالمزيد من الرسم، والمزيد من التعلّق بجذوة الفن. الموقف احتجاجي بالطبع، ولكن يمكن الاحتجاج ببيان ثقافي سياسي ذي صبغة جماعية، وكان يمكن إقامة المعرض الفني للتشكيلي أيمن عثمان لاستدراج ردّة فعل ضد الفن وضد الجمال كان يمكن أن تقوم بها الميليشيات، وبالتالي، استثمار ذلك إعلامياً داخل اليمن وخارجه. كتبت قبل فترة عن شاعر يمني باع أثاث بيته لكي يطبع مجموعته الشعرية الأولى.. حدث هذا أيضاً في زمن اختطاف روح الثقافة اليمنية في بيئة سياسية طاردة أصلاً للثقافة، وحتى هذا الموقف مرفوض.. إنه أشبه بمن يصوم عن الخبز لكي يكتب الشعر.. أي إنه نوع من العبث والمبالغة الأقرب إلى الاستعراض. لا تكون المواجهة الثقافية لا بحرق اللوحات، ولا ببيع أثاث بيت، بل بالاصطفاف المنظم في إطار مؤسسي جماعي، وفي إطار فكري نقدي شجاع، وهذا يتطلب من الكتّاب والمثقفين والفنانين اليمنيين أن يبلوروا جبهة ثقافية عصبها الإبداع والكتابة، وإعادة الاعتبار الأدبي والمعنوي لوجه الثقافة اليمنية العريق. المبادرة تأتي من الكتّاب اليمنيين الذين نعرف جيداً شجاعتهم وغيرتهم على إرثهم الثقافي التاريخي، من دون انسحاب إلى الخلف، ومن دون تضحية بلوحة أو قلم أو كتاب. yosflooz@gmail.com