يعيش التحالف الحكومي الحالي، الذي يقوده العدالة والتنمية، تصدعا جديدا على وقع خلافات حادة بين بعض مكوناته وكذا فضائح مدوية تلاحق بعض وزرائه. وتداولت وسائل الإعلام المحلية، أخيرا، أخبارا عن دفع وزراء في الحكومة الحالية لرشاوى كبيرة مقابل حصولهم على المناصب الوزراية التي يشغلونها. واتجه الاتهام في هذا الإطار لوزراء ينتمون إلى حزب "الحركة الشعبية" أحد أهم المكونات الأساسية للتحالف الحكومي الحالي. وعلى إثر انفجار هذه الفضيحة، طالبت الهيئة الوطنية لحماية المال العام بفتح تحقيقات عاجلة في هذا الموضوع. وأدلى رئيسها طارق السباعي بتصريحات صحافية أكد فيها "وجود وزراء دفعوا أموالا طائلة ليصيروا وزراء، وآخرين قبّلوا الأيدي والأرجل لدخول الوزارة وآخرين هددوا بالانتحار"، موضحا أن ذلك يندرج ضمن الفساد السياسي والاقتصادي. وهدد أمين عام "الحركة الشعبية"، الذي ينتمي إليه الوزراء المعنيون بهذه الفضيحة، بالانسحاب من الحكومة. لكنه أرجع ذلك إلى خلافات داخل الأغلبية الحكومية، وهي المبادرة التي اعتبرها مراقبون سياسيون محاولة إلى تحويل الانتباه عن الفضيحة التي تلاحق الوزراء المنتمين إليه. واتهمت "الحركة الشعبية" رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران (ينتمي إلى العدالة والتنمية) باتخاذ قرارات انفرداية دون استشارة باقي مكونات الأغلبية الحكومية، خاصة القرارات التي تستهدف الطبقة الشعبية، كالزيادة في الأسعار واستهداف القدرة الشرائية للمواطنين. وألمح أمين عام "الحركة الشعبية" إلى إمكانية اتخاذ حزبه لهذه الخطوة، الأسبوع الماضي، خلال لقاء حزبي بمدينة سلا (بجوار العاصمة الرباط). وقال العنصر في هذا اللقاء "نحن أوفياء لالتزاماتنا، وعندما نقرر الخروج من الحكومة سنخرج، ولن نبقي رجلا في الأغلبية ورجلا في المعارضة... نحن موجودون في الحكومة ولكن ليس على حساب توجهات الحركة الشعبية، وليس على حساب المقدسات التي تدافع عنها الحركة الشعبية وليس على حساب القيم التي نؤمن بها، نحن نريد أن نكون شركاء لإخواننا في الأغلبية الحكومية وليس مكملين لأي أحد". غير أن محمد العنصر خفف من حدة انتقاداته فيما بعد دون أن يتراجع عن التهديد بالانسحاب من الحكومة. وقال، في هذا الإطار، إن "الحزب شارك في حكومة بنكيران بعد دراسة العرض، بناء على مصلحة الوطن والحزب والتجربة الفريدة التي يعيشها المغرب"، مضيفا "أننا دخلنا التجربة الحكومية عن قناعة في نسختيها، واشتغلنا بالوفاء للالتزامات الأغلبية". لكنه صرح أيضا "وفاؤنا لالتزاماتنا لا يعني أنها بدون حدود"، مضيفا "إذا ما شعرنا أننا لا نشارك في القضايا الكبرى وبعض القرارات التي تمس الطبقة الشعبية، ولم يأخذ رأينا القبلي، قد يكون لنا رد فعل يتجه للانسحاب من الحكومة". ويشار أن الحكومة الحالية كانت قد عرفت تعديلا تقنيا أفرز نسخة ثانية بعد انسحاب حزب الاستقلال وتعويضه بحزب التجمع الوطني للأحرار. وكان "الاستقلال" قد أرجع قرار انسحابه من الحكومة إلى غياب الانسجام وانفراد رئيس الحكومة باتخاذ القرارات المصيرية.