السكّري، ارتفاع مستوى الكوليسترول الضار وكذا ارتفاع ضغط الدم يتم تعريفها على أنها أمراض العصر. وكأن أوجاع ومآسي عصرنا لا تكفي للتنغيص على الإنسان وتعكير صفو حياته فتزيد تلك الأمراض طين (معيشته) بلّة! سأحكي اليوم عن ثالث الثالوث المُزعج، فرط ضغط الدم في الشرايين ولكن ليس من مفهوم طبيّ رغم استعاراتي لبعض المصطلحات الطبيّة. يردد العامّة عبارات مثل لا ترفع ضغطي وخلنا نرفع ضغطه وعند مراجعة مسؤول أو وزير ومن في حُكمهما ينصح السكرتير أو مدير المكتب بالقول لا تدخل عليه فضغطه اليوم مرتفع وما إلى تلك المقولات التي تستعير مصطلحاً طبياً خالصاً للتعبير عن وصف الحالة المزاجية وربما النفسية للفرد. ارتفاع ضغط الدم (طبّياً)، هو -حسب موقع منظمة الصحة العالمية الاليكتروني- اعتلال تحدث فيه زيادة مستمرة في الضغط داخل الأوعية الدموية مما يجعلها تحت إجهاد مرتفع. المُزعج في هذه الحكاية أن معظم المصابين بفرط ضغط الدم لا يظهرون أعراضاً إطلاقاً، لهذا السبب سمي بـالقاتل الصامت. من جُملة العوامل التي تزيد احتمالية الإصابة بارتفاع ضغط الدم عامل التوتر والقلق وهو المُسبب الذي سأوظّفه في حكاية اليوم. ما الذي يرفع توتر الفرد فينا وبالتالي ارتفاع مستوى ضغط دمه؟ أجزم بأن معظمها إن لم تك جميعها عوامل خارجية ورغماً عن إرادتنا فمن هو الذي يجلب لنفسه التوتر ويذهب إليه بطوعه واختياره ليرتفع عنده الضغط الذي قد يتسبب في اعتلالات خطيرة كالإصابة بالجلطات أو انفجار الشرايين وغيرها؟ من الطبيعي ألا يذهب المرء للموت أو أحد مسبباته طائعاً وعن وعي كامل ولكن قد تأتي هذه المسببات إلينا رغماً عن أنوفنا. فوضى السير والمرور والاحتجاز داخل صندوق حديديّ متحرك لساعات طويلة بسبب اكتظاظ طرقات المُدن بالمركبات أحد عوامل التوتر وبالتالي ارتفاع الضغط. بيروقراطية الأداء في الأجهزة الحكومية الخدميّة والاستهانة بأوقات الناس من خلال دفعهم لكثرة المراجعات والتردد دون مبرر سوى مزاج موظف يعاني مُركّب نقص يعوضه في مرمطة عباد الله عامل آخر يرفع الضغط. التلاعب بأسعار السلع والمواد الضرورية والغش في المنتجات الزراعية من قبل عمالة سائبة ناهيك عن سوء تنفيذ الأعمال الفنية التي يتقاضون عليها مقابلاً مادياً كبيراً يعني حشفاً وسوء كيلة كل ذلك من مثيرات رفع ضغط الإنسان. تطول قائمة مسببات التوتر اليومي قرين (القاتل الصمت) وحتى يكون الإنسان على بينة من مستوى ضغط دمه أرى تأمين أجهزة كشف ضغط ذاتية القياس شبيهة بمكائن البيع الذاتي للمرطبات وتوزيعها في الميادين العامة وبالقرب من الوزارات والدوائر الخدمية يعرف من خلالها المواطن مستوى ضغط دمه قبل الدخول وبعد الخروج وفي كل الأحوال لابد من الاستعانة بأقراص خافضات الضغط من باب الاحتياط يعني. aalkeaid@hotmail.com