×
محافظة المنطقة الشرقية

"مارفيك": الأخضر جاهز لمرحلة الحسم وللسبب هذا استدعينا "العويشير"

صورة الخبر

تقول أغنية شعبية صينية قديمة: إذا كانت لديك فتاة فلا تزوجها من فتى من تشاو شان، فستظل طوال عمرها تزرع البطاطا وتجمع حطب الموقد. يبدو أن هذه الأغنية لم تحقق ما أريد منها فقد اقترنت الصين نفسها بفتى من تشاو شان وهو ماوتسي تونج، محرر الصين من الاحتلال الياباني والاستعباد الرأسمالي، والذي قاد البلاد من ظلمات الحروب الأهلية إلى وحدة حقيقية ظلت تجمع ما يقرب من المليار ونصف المليار كشعب واحد بحضارات وديانات متعددة. مع رحيل ماوتسي تونج كادت البلاد تنهار، خاصة أن الاشتراكية التي اعتنقها ماوتسي تونج انهارت في أكثر من بلد، وعلى رأسها حاضنة الشيوعية الكبرى الاتحاد السوفييتي، لكن رجلا آخر استطاع لملمة الحلم وإعادة صناعته من جديد، وهو دينج شياو بينج. وجد دينج أن الاشتراكية بشكلها الحالي لن تصمد كثيرا ولن تحقق للصين تطلعاتها، فقرر أن يطور الاشتراكية مع بقائها على مثلها العليا، وبإضافة ما يمنح الفرد حقه في الاستقلالية والإنسانية ويعطي للبلاد ضوءا أخضر للعبور نحو العالم بانفتاح ثقافي واقتصادي. كان دينج ذكيا جدا، لذا درس كل المشاريع الفاشلة التي تورطت فيها البلاد من قبل، وحدد أولوياته بحسب إمكاناته، وبحسب ما يملكه هو وشعبه ليصبح ورقتهم الرابحة، فأصلح التعليم أولاً والبحث العلمي ثم الزراعة والصناعة. لقد استفاد دينج من الفلسفة الاشتراكية الصارمة في تعليم الإنسان وتطوير قدراته ومواهبه ثم قدمه للغرب ليكمل دراسته الجامعية بنظام ابتعاث امتد لسنوات طويلة باتفاقات مع جامعات عالمية تستفيد من ميل الطالب الصيني للانغماس في العمل الشاق دون كلل أو ملل وتقدم له ما يوسع مداركه، ولقد ابتدأت برامجهم بابتعاث المعلمين وأساتذة الجامعات وما زالت حتى اليوم. كذلك خفف دينج شياو الأعباء عن الدولة، فكانت الصين من أوائل الدول التي اعتنقت النيوليبراليزم ومضت نحو الخصخصة، لكن بمراقبة شديدة للقطاع الخاص حتى لا يهيمن الربح على أهداف ملاكه على حساب الشعب فتنتفي مبادئ الاشتراكية، لذا حتى الشركات الأجنبية كانت ملزمة بصيانة حق العامل الصيني وحق الاقتصاد الوطني، فلم يترك النظام لهم لينطلقوا بالأموال خارج الصين، وفي الحقيقة هذا هو سر الاقتصاد الصيني، الصرامة في الرقابة، فلا أحد يجرؤ على السرقة من الدولة أو يغتني منها، لا الشركات ولا المسؤولون. قضت الدولة أكثر من 30 عاما تبني قوتها بطريقة مرتبة وبهدوء لافت في المدرسة والمصنع حتى سمعنا بها اليوم ورأينا كيف يثير اقتصادها ومواطنوها إعجاب العالم. إن لدينا كسعوديين حلما يشبه حلم دينج شياو لا نريد أن نفقد مبادئنا ولا ديننا، ونريد أن نجعل اقتصادنا الحصان الأسود الذي سيسابق العالم أجمع خلال السنوات المقبلة، وتجربة الصين الشعبية دليل أكيد على واقعية حلمنا وإمكانية تحقيقه. لا شك أن زيارة سمو الأمير محمد بن سلمان للصين ستحمل معها مفاجآت عدة، ربما يكون أهمها الاعتماد على الخبرة الصينية الأهم حاليا من الخبرة الغربية، خاصة أن الصين دولة شرقية نلتقي معها في الكثير من المبادئ والأخلاق والمحافظة على العهود والمواثيق كما أنها لا تحمل لشعوب المنطقة تلك النوايا السيئة التي يحملها الغرب لنا.