الدبلوماسية بينة، والجهود الشخصية للسفير واضحة وبينهما مواقف علاقات انسانية متباينة. هذه هي حال السفارات حول العالم. فكم من سفير يأتي ويغادر ولا تعرف عنه شيئا، وكم من سفير يسجل الحضور الوطني قبل أن يصل الى مقر السفارة. ولعل السفير السعودي في بغداد ثامر السبهان من هذه النماذج التي تسجل الحضور منذ لحظة الترشيح. فالسفير السعودي الذي يسجل تلك المكانة المستمدة من مكانة بلادنا يجعل المواطن يفخر به قبل المسؤول. ولنا في تاريخنا الدبلوماسي نماذج كثيرة ربما يجسدها الحضور المميز لوزير خارجيتنا عادل الجبير منذ ان كان يعمل في السفارة السعودية في واشنطن. والمشكلة التي اثيرت وتتكرر حول حضور السفير السعودي السبهان في بغداد ستظل مسألة قديمة ومتجددة في بقاء العراق في الحضن العربي ام الغرق في المستنقع الفارسي، وهو خيار صعب على دعاة الفتنة الطائفية وتفتيت الوحدة العربية هناك. بل إن تلك المواقف المناهضة للحضور العربي للسفير السبهان تكشف عن الوجه الحقيقي لعملاء طهران وكأن تغيير السفير السعودي هناك سيعيد للعراق وجهه العربي. ولكن هيهات هيهات. فالتغلغل الفارسي وصل الى مفاصل الحكم هناك ويتطلب تدفق الدم العربي في شرايين الحكم هناك، والنقطة الأولى تبدأ بوقف سفك دماء العراقيين على اسس طائفية مقيتة. فحضور السفير السبهان هناك هو دليل تذكير بالظلم الذي وقع على العراقيين في أماكن عدة لعل ذلك يعيد الامن والاستقرار لبلد يتجرع مآسي الحرب يوما بعد الآخر. وهناك في موقع آخر من مواقع التغلغل الإيراني في الجسد العربي نجد أن انتهاء فترة السفير علي عسيري في بيروت اثارت نفس النكهة الطائفية حول من سيأتي بعدة او تسجيل تمديد فترته. هذا الحضور دليل على القلق الفارسي الذي يسجله حضور السفير السعودي ويجب أن نحافظ عليه ونعززه اعلاميا وسياسيا واقتصاديا وحتى بحضورنا الوطني. فحضورنا العربي يجب أن يعزز ايضا بحضور الحلفاء العرب الذي يشاركون معنا في عاصفة الحزم. فهي عاصفة ليست في الحرب على تعدي الحوثي على الشرعية في اليمن وإنما هي حرب دبلوماسية للشرعية العربية لوقف تلك الفوضى التي احدثتها بعض الانظمة المارقة في المنطقة مثل ايران وسورية لزعزعة عالمنا العربي. وحضور السفير السعودي يجب ان يتعزز لدى المواطن السعودي اكثر حتى يعرف تلك القيمة المضافة عند سفره واغترابه. فبعض سفاراتنا مع الاسف الشديد تسجل حالات من الغياب في حياة المسافر السعودي او حتى حالات الصد عن القصد للبحث عن معلومة. ولو اخذنا على سبيل المثال موضوع تسجيل الجواز السعودي لدى السفارة عند الوصول لوجدنا ان النسبة متدنية لمعرفة المسافر بعناء البيروقراطية، ولعل التقنية الرقمية تساعد في تجسير الفجوة وتعزز التفاعل مع السفارة. ما يهمني هنا هو تأسيس مدرسة لتنمية نجوم السفارات السعودية للمستقبل. فالحضور الإيجابي الذي يجعلنا نفاخر بالوزير الجبير كرمز للدبلوماسية السعودية يجب أن يعيدنا عشرين عاما الى الوراء حين تم تمكين هذا الشاب من ادوات الدبلوماسية وتعزيز الحضور. ففي بعض سفاراتنا هناك من لا يعرفون الحضور الإعلامي وربما الدبلوماسي ايضا وتضيع بسببهم المواهب الوطنية وتجف ينابيعها. فنحن في كل عام نحتاج الى اكثر من نجم دبلوماسي قادم ليعيد حضورنا في افريقيا وآسيا واميركا الجنوبية. فالحضور السعودي بات مهماً وليس كالحضور الشرفي في الاولمبياد. رحم الله الكثير من سفرائنا السابقين وأعان الله من هم على رأس المسؤولية واقول رحم الله السابقين لتذكري اخي واستاذي غازي القصيبي حيث يسجل الحضور السعودي حتى في غيابه عن المناسبات العامة في لندن. فإذا غاب يتساءل البعض هل من موقف؟ بل لعل حضوره الشعبي ان جعل لتقليد السفارات السعودية والمعروفة بالديوانية حضورا حقيقيا للمواطنين هناك. بل وجعل حتى للعبة الكيرم الشعبية حضورا في ليال سعودية بديوانية السفارة في لندن. فكم من غازي وعادل وطراد وابن المعلمي نحتاج اليوم. سماء بلادي تمتلئ بالنجوم فقط نحتاج ليلة صفاء حتى تشع. Draltayash@yahoo.com