×
محافظة حائل

رئيس الهيئة يعتمد إدارتي سدير والغوطة

صورة الخبر

القاهرة: الخليج كتب العقاد مقالاً عن رسالة الغفران بعنوان أبو العلاء والنقاد فانتقده محمد مندور قائلاً: ها هو الأستاذ العقاد يقحم النظريات الفلسفية التي تقوم كمذاهب ذات أسس نظرية عميقة شاملة في ميدان الأدب، فيكتب فصولاً طويلة، ليدلل على أن أبا العلاء قال بالاشتراكية أو ببقاء الأصلح، وما إلى ذلك، مما قد يدل على براعة الناقد، لكنه لا يعني شيئاً من فهمنا لنفسية أبي العلاء ومأساته التي صدر عنها في كل ما كتب من شعر إحساس أو فكرة. وقال مندور في المقال نفسه، إن العقاد يبدأ فيؤكد فيما يعلم أن فكرة أبي العلاء في هذه الرحلة إلى العالم الآخر لم يسبقه إليها أحد غير لوسيان في محاوراته في الأوليمب والهاوية، وهذا قول عجيب يدخل في سلسلة تأكيدات العقاد التي لا حصر لها في كل ما كتب، والتي كثيراً ما تدهشنا لجرأتها، ففكرة الرحلة إلى العالم الآخر قديمة قدم الإنسانية عرفها اليونان قبل لوسيان، وعرفها العرب قبل أبي العلاء وفي مجلة الرسالة يكتب العقاد في باب مساجلات رداً على مندور يقول فيه: لا يا شيخ العالم الآخر قديم قبل لوسيان والجنة والنار قديمتان قبل أبي العلاء، سبحان الله، كنا نظن غير هذا، وأن لوسيان ظهر على الأرض فظهر معه الجحيم السفلي الذي تحدث به اليونان. ويرد مندور على العقاد في مقال عنوانه مساجلات جورجياس المصري قال فيه: كتب الأستاذ العقاد في العدد 467 من الرسالة تحت عنوان مساجلات يقول: نبهت إلى كلمة لأديب يكتب في الثقافة بتوقيع محمد مندور قال فيها عني بصدد الكلام عن أبي العلاء ورسالة الغفران، وأنا أحمد الله إذ تنبه الأستاذ إلى كلمة مندور هذا، فالعقاد رجل لديه ما يشغله عن الثقافة وعن محمد مندور وهو منهمك في قراءة أمهات الكتب فوجد فيها أن فكرة أبي العلاء في هذه الرحلة إلى العالم الآخر لم يسبقه إليها أحد غير لوسيان في محاوراته، فأنّى له بقراء الثقافة وما هي بشيء إلى جوار عيون الأدب، ومن هو محمد مندور ليقرأ له وهو مأخوذ بسحر لوسيان. وفي عام 1959 كتب مندور سلسلة مقالات في مجلة المجلة تعرض في إحداها لدراسات العقاد الأدبية وكيف أنها تنصب على التعليل والتفسير أكثر من انصبابها على التقويم والنظر في القيم الجمالية، وعاب عليه استخدامه المنهج النفسي في دراساته الأدبية والنقدية، وكان ذلك في مقال آخر نشره مندور عام 1961. ويرد العقاد بأن تفضيله المنهج النفسي ناشئ عن أنه يحيط بالمناهج كلها، وينفي أن يكون من أتباع مدرسة فرويد النفسية، كما ينفي أنه لم يقل يوماً أن التحليلات النفسية هي غرضه من دراسة نفوس الشعراء، لكنه أثبت أن نفس الشاعر هي التي يرجع إليها حين تلتمس الفوارق التي لا تفسرها البيئة الاجتماعية، حيث يختلف العشرات بل المئات من الشعراء، وأنه لم يكتب عن شاعر واحد من غير أن يحيط الكلام عليه بالبحوث المطولة عن أحوال عصره وعن معنى ظاهرته الأدبية من الوجهة الاجتماعية. وعادت المعارك من جديد بعد أن توقفت بين العقاد ومندور، فقد قال مندور في ندوة بمعرض القاهرة للكتاب عام 1963 رداً على سؤال حول الفرق بين مدرسته النقدية ومدرسة العقاد، موضحاً أن مدرسة العقاد تأخذ بمنهج التفسير النفسي للأديب، على حين أنه أي مندور يرى للأدب قيماً جمالية أخرى تنأى به عن النزول إلى مستوى ذلك التفسير النفسي. ويرد العقاد في مقال كتبه بجريدة الأخبار بتاريخ 20 نوفمبر/تشرين الثاني 1963 يبدؤه بقوله: نحن نعرف من أسئلة الطالب الأديب أنه جيد الفهم لما يسمع، وأنه يحسن السؤال الذي يجاب عنه، لكننا نقدر على سبيل الظن أن الكلام الذي رواه من مندور منقول بمعناه الغالب دون ألفاظه وكلماته. ويواصل العقاد كلامه مؤكداً قيمة الدراسات النفسية ليس في النقد والأدب والتعبير بوجه عام، وإنما أيضاً في مجالات الأعمال الصناعية والشؤون المادية بوجه عام، وينهي مقاله ولينحدر الدكتور المندور أو يرتفع، ولينزل المندور أو يطلع، وليشرق حيث يحب ويهوى أو يغرب أو يستغرب، وليكن حيث كان فيما يحسبه على هواه في عليين، إننا لراضون أن نقيم حيث نحن مقيمون.