متابعات فجر: كتب الدكتور صبري العدل أستاذ التاريخ الرد التالي على حوار المستشار رفيق شريف نائب رئيس هيئة قضايا الدولة والمسئول عن متابعة ملف تيران وصنافير مع الأخبار والذي قال فيه إن حكم القضاء الإدارى عن تيران وصنافير «منعدم» .. وأن المحكمة استندت على خرائط أطفال يتم تدريسها للتلاميذ. وإلى نص رد دكتور صبري العدل : ردا على ما أثاره المستشار رفيق شريف نائب رئيس هيئة قضايا الدولة حول حكم مصرية جزيرتي تيران وصنافير وما جاء فيه من حديث عن وثائق مصريتها، و رغم أن سيادته سبق أن أعلن أن مصر كانت محتلة للجزيرتين، فالواقع أن كل من يحاول سعودة تيران وصنافير يسعى للنيل من وثائق مصريتهما ويشكك في صحة محتواها .. لكنهم لا يكلفون أنفسهم عناء تقديم وثيقة واحدة تدل على سعوديتهما ولو كانت ضعيفة فى محتواها. وفى ردى على ما قاله سيادة المستشار رفيق شريف سوف أحاول الرد على كل نقطة على حدة، بدءاً من كلمة احتلال وحتى خطابات مصلحة الحدود. أولا: الرد على استخدام كلمة احتلال فى الوثائق: رغم أن لفظ احتلال الوارد فى الوثائق لا يعني احتلالا بالمعنى السياسي، وإنما احتلال بالمعنى العسكرى، ولتفسير هذا المصطلح نرجع إلى مذكرات الفريق سعد الدين الشاذلى نجد كلمة احتلال ترد كثيراً بمفهومها العسكرى بشكل واضح لتعنى السيطرة أو تمركز القوات حتى فى داخل المناطق المصرية، فيقول: سعت 1430 يوم 6 اكتوبر : لقد وصلت الموجة الأولي من المشاه إلي الشاطئ الشرقى للقناة و احتلت بعض أجزاء الساتر الترابى، وفى سعت 1400 وتحت ستر نيران المدفعية عبرت بعض عناصر من الصاعقة لكي تسبق العدو في احتلال الموقع والمصاطب التي تقع خلف خط بارليف بحوالي كيلومتر إلى كيلومترين. فهنا المعنى واضح من الوجهة العسكرية، وهو التمركز فى النقطة المراد السيطرة عليها (يمكن مراجعة صفحة 332 من تلك المذكرات). كما أنه برغم من أن جزيرة فرعون مصرية منذ القدم، إلا أنه لم يكن قد تم رفع العلم المصرى عليها، وقد تم التفكير فى رفع العلم المصرى على هذه الجزيرة واستخدام مصطلح احتلال، والذى يبدو أنه مصطلح عسكرى بحت ورد كثيراً فى الوثائق المتعلقة بتلك الأحداث ليعنى فقط التمركز والاستيلاء على الهدف المقصود وليس الاحتلال بمعناه السياسى ـ العسكرى. أسباب تأخر رفع العلم المصري على جزيرتى تيران وصنافير: وفى إحدى وثائق الحربية جاءت التفاصيل حول سبب تأخر رفع العلم على جزر تيران وصنافير وفرعون. وقد أجيب عليها وقئذ بأنه مع اهتمامنا بقيام سفن جلالة الملك برحلات تمرينية واستكشاف بمنطقة خليج العقبة فى أوقات مختلفة، إلا أنه لا يسعنا التقيد بمسئولية تموين القوات الموجودة فى منطقة طابا فى مواعيد ثابتة، لعدة أسباب أهمها: أن غيار وتموين قوات هذه النقطة الصغيرة العدد لا يتكافأ مع النفقات الباهظة التى يتكلفها رحلات السفن من الإسكندرية، وفضلاً عن ذلك فالمفروض أن الطريق البري الذى شقه سلاح المهندسين الملكى قد أصبح ممهدا ومعدا للعمل منذ 12/7/1949، وعلى ذلك وافقنا حينئذ على قيام سفينة جلالة الملك بتموين هذه القوات وغيارها كلما تواجدت هناك، مع مراعاة ما تسمح به طبيعتها بقبوله من الأفراد والشحنة. وسأستشهد بما قاله اللواء مصطفى نصرت وزير الحربية عندما سئل عن سبب رفع علم مصر على الجزيرتين، وهو الذى أمر برفع العلم عليهما عام 1950، وبرر ذلك: لتوكيد سيادتنا عليها، إذ أنها قبل ذلك لم يكن لها من الأهمية ما يستدعى احتلالها وقال: إن تزايد نشاط إسرائيل على ساحل إيلات قد اضطرنا إلى تدعيم قواتنا المسلحة فى منطقة مدخل خليج العقبة، فأرسلت قوات مناسبة إلى رأس نصرانى لتتحكم تحكماً تاماً فى هذا المدخل (يمكن مراجعة كتاب الدكتور عبد العظيم رمضان، المواجهة المصرية الإسرائيلية فى البحر الأحمر (1949 – 1979)، مطابع روزاليوسف، القاهرة 1982، ص36) . وأظن أن وزير الحربية لم يذكر السعودية نهائيا فى الموضوع، ولا علاقة بين رفع العلم على الجزر وبين السعودية. الرد على مسألة مصلحة أقسام الحدود أما ما يتعلق بمصلحة أقسام الحدود الذى رأي سيادة المستشار أنها كانت حديثة العهد فى انضمامها إلى وزارة الحربية .. فأقول: أنه تم إنشاء مصلحة أقسام الحدود في 15 مايو 1917، التي أنيط بها إدارة المناطق الحدودية، وتطبيق قانون الصحراء، الذي استند على القانون 15 لسنة 1911، فألحقت محافظة سيناء بهذه المصلحة، وهذا يعني أن مصلحة أقسام الحدود كانت أكثر المؤسسات دراية بسيناء حتى من وزارة الحربية نفسها. وكان لإنشاء مصلحة أقسام الحدود عام 1917 وإدراج سيناء ضمن إدارة هذه المصلحة باعتبارها منطقة حدودية، أثره الكبير فى خفض التوتر فى شبه الجزيرة، حيث كان من بين المهمات التى اضطلعت بها هذه المصلحة، حماية إمدادات المياه وخطوط السكك الحديدية، وحقول النفط والمنجنيز على سواحل البحر الأحمر، ومواجهة التهريب عبر سواحل البحر الأحمر، خاصة مع زيادة التوتر على الحدود الشرقية لسيناء، نتيجة للحالة القلقة فى الحجاز عقب الحرب العالمية الأولى. ومن المعروف أن وزارة الخارجية المصرية نفسها تأسست فى عام 1922 بعد حصولنا على الاستقلال عن بريطانيا بعد تصريح 28 فبراير 1922 .. وهذا يعني أن مصلحة الحدود كانت أسبق من وزارة الخارجية ؟؟ .. فكيف يا سيادة المستشار تقول أنها مصلحة حديثة العهد ..؟ وهذا يرد على وثائق سنة 1928 الوارد من الحربية للخارجية للاستفسار عن تبعية الجزر لمصر فردت الخارجية بعدم وجود ملفات لها بالخارجية .. هذا يعني أن الخارجية (الحديثة العهد) لم تكن بالفعل تملك وثائق تخص الجزيريتين لأنهما لم تكن مثار لنزاع فى الفترة من 1922 وحتى 1928 .. الخارجية حديثة العهد (تأسست سنة 1922) كما قلنا فمن الطبيعى ألا تكون لديها ملفات عنها بينما الملفات فى مصلحة الحدود .. أو وزارة المالية أو مصلحة المساحة. الرد على مسألة استخدام خرائط مدرسية: أولا أن أري أن أخطر وثيقة تقدمت بها لجنة الدفاع عن مصرية الجزيرتين هو الكتاب المدرسي المقرر على تلاميذنا فى وقت لم تكن المملكة العربية السعودية قد ظهرت إلى الوجود بعد. لكن مما آسفت له وصف سيادة المستشار للخريطة المرفقة بالكتاب المدرسي بأنها خريطة أطفال، كيف هى خريطة أطفال .. فقد كانوا يربون أطفالنا أن الجزر مصرية .. ألا نخجل من هذا .. مثلما نفعل نحن اليوم وندرس لطلبة الإبتدائى ثورة يوليو .. فهل ثورة يوليو ثورة أطفال ؟؟ لا أظن أن سيادة المستشار جانبه التوفيق فى استخدام اللفظ غير المناسب. وفى النهاية أتساءل .. هل لديكم وثائق واضحة لا لبس فيها تؤكد سعودية الجزر .. ما لدينا فقط وما يطرح على الساحة هى فقط وثائق ترجح مصرية الجزر .. قولا واحداً