×
محافظة المنطقة الشرقية

«فسيل نخلة» طوله 20 سم يثمر رطباً

صورة الخبر

لعل أهم أسباب الفشل الذريع سياسيا لدى الإخوان هو عجزها أن يكون رئيسها المنتخب رئيسا لكل المصريين وقد ظهر ذلك بعد عزل الرئيس مرسي على يد الشعب المصري فلم يبق في الميادين سوى أولئك الذين كان مرسي رئيسهم من أنصار الجماعة تنقسم الصورة السياسية في مصر الى عدة اشكال فرعاة الاسلام السياسي وخاصة مناصري الاخوان المسلمين تنحصر نظرتهم الى ما يحدث على انه انقلاب على الفكر الإخواني فلا يدخل في حساباتهم قضية الشعب المصري او قضية الثورة المصرية او حتى الديمقراطية وهذه احدى صور الضعف الفكري السياسي في تكوين الجماعة التي لا يمكن ان تكون اكثر من جماعة دعوية تستثمر السلطة العقدية كسلطة اجماعية. الصورة الثانية هي الصورة العالمية التي تتبناها الدول التي يهمها الشأن المصري هذه الصورة تبرز فيها الولايات المتحدة الامريكية التي اثبتت للعالم انها تعاني من الارتباك السياسي اكثر من أي وقت مضى فلم تعد السياسة الامريكية قادرة على الثبات في مسار محدد وخاصة في سياستها الخارجية ومن يتابع تصريحات البيت الابيض وأذرعته السياسية يستطيع ان يدرك حجم الارتباك في السياسة الخارجية الامريكية التي لم تكن كذلك في يوم من الايام. الصورة الثالثة هي للدول العربية التي تعتبر مصر ركنا عربيا مهما وخاصة من ناحية الاطمئنان على هذه الدولة وتقديم يد العون لها من اجل تجاوز ازماتها السياسية فالدول العربية المدركة لما يحدث في مصر تفهم اكثر من غيرها الطبيعة الاجتماعية والنفسية التي تحكم الشعوب العربية التي تعاني من تداخل كبير في مفاهيم حياتها الفكرية والاجتماعية والسياسية. الصورة الرابعة وهي الاخطر بين الصور السابقة وهي اندماج فكري بين ما يحدث في مصر سياسيا وبين المرجعية الدينية وهذه الصورة هي التي جعلت الكثير في مصر وغيرها يقصر فهمه عن ادراك الفكرة السياسية في الحكم وآليات نموذج الخلافة الموعودة من قبل الاخوان المسلمين. إن ما خلق الفشل السياسي لجماعة الاخوان المسلمين لا يمكن ان يربط بنظام المؤامرات فهو نتاج طبيعي للخلل السياسي الذي ارتكبته الجماعة عندما تفاجأت بأنها مسؤولة عن ملايين البشر الذين يريدون منها ان تطعمهم سياسيا ولا تطعمهم موائد افطار جماعي او خطب نارية. لعل أهم أسباب الفشل الذريع سياسيا لدى الإخوان هو عجزها ان يكون رئيسها المنتخب رئيسا لكل المصريين وقد ظهر ذلك بعد عزل الرئيس مرسي على يد الشعب المصري فلم يبق في الميادين سوى أولئك الذين كان مرسي رئيسهم من أنصار الجماعة أما بقية المصريين الذي عجز الرئيس مرسي أن يكون رئيسا عليهم فهم من خرجوا عليه في اعظم مظاهرة تشهدها مصر. لقد بدا واضحا أنه تم تكريس مفهوم السلطة في مقابل مفهوم الديمقراطية وتبين أن مفهوم الديمقراطية غائب بشكل كامل مما يعكس عدم ادراك الجماعة للمصطلح وآليات تنفيذه على المستوى الاجتماعي وخاصة ان مشروع الاخوان السياسي غائب بل لا يوجد مشروع سياسي قادر على احداث نقلة اجتماعية سوى الاعتماد على مقولة تاريخية تبنتها الجماعة (بأن الاسلام هو الحل) حيث حمل الاسلام في هذه المقولة اهمية جلب حلول لكل شيء ولم يعد المسلمون في جماعة الاخوان او غيرها قادرين على فهم أن لب الاسلام وذروة سنامه عقيدة وتوحيد. منذ تولى الاخوان السلطة في مصر وهم يطبقون ذات المنهجية التي اتبعها مبارك في اقصاء مخالفيهم وإضعاف المعارضة السياسية في الشارع المصري وهي ضعيفة منذ عقود طويلة، ولعل ضعف المعارضة بدا واضحا في عجزها عن تبني مشروع سياسي مضاد يكشف هشاشة حكم الاخوان، لذلك لم ينتظر الشارع المصري كثيرا فتدخل لحماية ثورته بشكل مباشر عبر المظاهرات ولعل خروج الشعب المصري في ثورته الثانية دليل على فشل الحزب الحاكم وأحزاب المعارضة في فهمه. وهنا يمكن الاجابة عن سؤال مهم حول تدخل الجيش المصري الذي اثبت استقلاليته ووقوفه مع الشعب المصري فلماذا تدخل الجيش المصري..؟ بشكل دقيق يمكن القول بأن الجيش المصري ظل على مدى عقود طويلة مكونا اجتماعيا عسكريا وليس مكونا سياسيا ثوريا ولذلك يبرز دور الجيش المصري المتعاطف دائما مع الشعب عندما يتم استدعاؤه من قبل الشعب وهذا ما يعكس ان دور الجيش المصري مختلف عن دوره في كل جيوش العالم وهذا ما يجب ان يفهمه العالم كله. الثقافة التي بناها شعب مصر خلال الستة عقود الماضية عن جيشهم جعلت منه ملجأ لهم فالتقدير الذي يحظى به الجيش المصري من قبل الشعب واضح في المكانة التي يتميز بها كل العاملين في الجيش المصري فالشعب المصري بكل اطيافه ينظر الى هذا الجيش كقوة وحماية لمصر على جميع الاصعدة وهذه احدى الخفايا التاريخية لعلاقة هذا الجيش العظيم بشعب مصر. تنظيم الاخوان في مصر وخلال عام مضى كشف عن الكثير من طموحات سياسية غير مبنية على اسس عملية لتحقيقها لذلك انكشف فكما يبدو ان تنظيم الاخوان الدولي تداخل بشكل مباشر مع التنظيم المحلي مما ساهم في فقدان بوصلة التحريك وكما يبدو ان فكرة امبراطورية مؤسس الجماعة او خليفة المسلمين كما يسمونه لم تعد قادرة على الصمود لان هناك تناقض واضح بين ما اراده الشعب المصري من ثورته وبين ما تخطط له جماعة يعاني قادتها من جهل سياسي واجتماعي كبير. الفشل في ازاحة جماعة الاخوان وإعادة مصر الى طبيعتها خيار غير مطروح فالاتجاه العنيف الذي تتخذه الجماعة سيقوض صورتها بل سيكشف انها لم تكن سوى جماعة سلطوية عاجزة عن فهم الادارة السياسية كما ينبغي. لن يكون هناك ادنى شك بأن جماعة الاخوان بل وجميع التنظيمات الخاصة بالإسلام السياسي لن تكون قادرة في يوم من الايام ان تتبنى مشروعا سياسيا لان التاريخ والفكرة الاسلامية كعقيدة دينية لا يمكن ان تكون في هذا المسار الذي يطرحه رواد الاسلام السياسي الينا عن دور الاسلام في الحياة. إن ما يقوم الاخوان المسلمون بترويجه حول قدرتهم السياسية ينقصه الكثير من الاثبات التاريخي بل إن تاريخهم يناقض كل مقولاتهم، وإذا كان الكثير من المسلمين يؤمنون بفكرة المؤامرة ضد مجتمعاتهم فعليهم اليوم ان يؤمنوا ان (جماعة الاخوان المسلمين) هي واحدة من اكبر المؤامرات التي يتعرض لها ليس العالم الاسلامي فقط بل كل الاسلام برمته عقيدة ومنهجا.