ليس بالضرورة أن تكون مجرماً أو خارجاً عن القانون أو مداناً بمبالغ مالية حتى تتم ملاحقتك أمنياً من قبل وزارتي العدل والداخلية... ولن تحتاج بعد الآن أن يُوضع اسمك على قائمة الممنوعين من السفر أو الموضوعين على أجندة ترقب الوصول لأنك ارتكبت ذنباً مما تقدم لأنك قد تلاحق أمنياً وتوضع على قائمة المطلوبين من أجل دينارين ونصف الدينار...! العرض السابق ليس خيالاً بل حقيقة دامغة حدثت لمواطن، حين أدرج اسمه على قائمة المطلوبين أمنياً، والممنوعين من السفر، وما تبع ذلك من حجز كلي على جميع مركباته، فظن أن جريمة قتل قد ارتكبها من حيث لا يدري، أو أنه تلبس بجرم مشهود اقترفته يداه وهو عنه ساهٍ، أو ربما لفق له أحد الأشخاص جناية شيك من دون رصيد وأخذ فيها حكماً غيابياً وهو به جاهل... أراد المواطن أن يتحرى أمر جنايته فراح بحذر وخيفة يقدم قدماً ويرجع بأخرى يتحسس القضية التي جعلت وزارة العدل تضعه ضمن بوابتها الإلكترونية مطلوباً أمنياً وممنوعاً من مغادرة البلاد، فاقترب من أحد الموظفين في ديوانها وراح يسأله متوجساً عن أي من الذنوب ارتكب فكأنت المفاجأة أنه بريء براءة الذئب من دم ابن يعقوب من أي مخالفة أو جريمة، وأن الأمر لا يعدو كونه خطأ في «النظام» حين أدخل عليه رسوماً وغرامات بقيمة دينارين ونصف الدينار نسي تسديدها، فجعلها «بقدرة قادر» ألفين وخمسئة دينار. تبدل خوف المواطن أمناً، وحل محل الكرب ضحكة ملأت وجهه، وأرسل إلى موظف «العدل» ابتسامة تسابقت في الوصول إليه مع حافظة نقوده لتضع في يديه الدينارين ونصف الدينار قيمة الغرامات، فما كان من الموظف إلا رد التحية بمثلها وبأنامله ضغط زراً على جهاز حاسوبه فبات الممنوع من السفر طليقاً حراً، وأصبح المطلوب أمنياً بلا قيد جنائي فخرج يضرب كفاً على كف ولسان حاله «خطأ النظام يتحمله المواطن».