تعبيرٌ شاع مؤخراً يُردده في الغالب المتحدث الرسمي للحكومات أو الوزارات بعد وقوع كارثة أو أزمة طارئة. هذا يعني أن الحكومة شكّلت هذه الخليّة لإدارة الأزمة والتخفيف من آثارها ودراسة مسبباتها ثم اقتراح الحلول التي تُجنّب البلاد والعباد تكرار وقوعها. لو قيل تشكيل "لجنة" للمتابعة والتحقيق لفقد الناس الثقة بها وبأعضائها وبالتالي نتائجها لكن حينما يُقال تشكيل "خليّة" فسيتبادر إلى الأذهان فوراً خليّة النحل بكل ما تعنيه من حركة وعمل متواصل والمخرجات دائماً عسل في عسل. تعارف الناس في مجتمعنا على سلبية اللجان ويتداولون طُرفة تقول بأن لدينا من اللجان أكثر عدداً من القضايا والحوادث التي شُكّلت من أجلها..! يوجد لدى بعض الدول وزارات للطوارئ أو جهاز رسمي يعمل على مدار الساعة للتصدّي للكوارث فور وقوعها. في الأوقات العادية أيّ تلك التي لا طوارئ فيها يعمل الخبراء هُناك على جمع المعلومات ومراجعة وتطوير الخطط بالإضافة إلى متابعة ودراسة الحوادث التي تقع في مناطق أو بلدان أخرى للاستفادة من تجارب الغير واكتساب مزيد من الخبرات المُتجددة. أذكر أنني زرت مع فريق عمل أثناء الخدمة في السلك الوظيفي مُنظمة إغاثية في فرنسا تضم عُلماء في عدة مجالات بجانب الأطباء من مختلف التخصصات، خُبراء سلامة وجُغرافيين يعرفون تفاصيل التفاصيل عن مختلف البلدان. مُهمة هذه المنظّمة تلبية نداء الاستغاثة للمساهمة في تخفيف الآثار الناجمة عن الكوارث التي تقع مثل الزلازل والبراكين والحرائق الكبيرة وانتشار الأوبئة وبعد صمت المدافع في الحروب والصراعات في أيّ مكان بالعالم لا فرق. في ظنّي أنهم سمعوا عن خيبة اللجان في بلدان العالم الثالث وعدم قدرتها على حماية وإنقاذ أرواح البشر فقرروا القيام بهذه المهمّة الإنسانية لا ينتظرون جزاءً ولا شكوراً. أعود للكوميديا السوداء فأنقل ما يتندّر به الناس هُنا عن اللجان وحديثهم عن وجود لجنة مهمتها متابعة أعمال لجنة سابقة. يعني من رحم اللجان العتيقة تولد لجان صغيرة ثم تكبر وتكبر حتى تهرم واللجنة الأم مازالت على قيد الحياة. المُدهش أنني لم أسمع في يوم من الأيام عن تحديد زمن أو تاريخ لإنهاء مهمّة أي لجنة مما يعني: "خُذوا راحتكم... الوقت كفيل بالنسيان وهذا هو المطلوب منكم". يقول وليم كامدن: "من كان لدية وقت، وانتظر الوقت، أضاع وقته".