عندما تبدأ الأم في أولى محاولات إطعام طفلها، تجد بعض الصعوبة والمقاومة من الطفل، وتتكرر محاولات الطفل لرفض تناول الوجبات المخصصة له، وتلجأ بعض الأمهات إلى إطعام أطفالها بالقوة، وتجبرهم على تناول الوجبات، ما ينعكس بالسلب على الطفل، وفي الأغلب عندما يشاهد الأم قادمة إليه بالطعام ينفعل ويصرخ ويبكي، لأن الأم خلقت عند الطفل حالة من الكره والنفور داخل الطفل من تناول الطعام، فالطفل في هذه المرحلة العمرية تكون لديه حالة من إثبات الشخصية بمحاولة الرفض، ويحاول أن يبين رأيه وقدرته على القبول والرفض، ويجب أن تتعامل الأم مع نفسية الطفل بنجاح، وتحاول أن تتبع خطوات الإقناع، والطرق المجربة في هذا الشأن، وسنحاول أن نقدم للأم بعض الحلول، وكيف يمكن التغلب على حالة الرفض هذه، وما أسباب رفض الطفل للطعام. توضح بعض الدراسات في هذا الشأن أن الأطفال بطبيعة الحال يرفضون تناول الأطعمة والوجبات في البدايات، وهذا طبيعي على أنها تجربة جديدة على الطفل يتخوف منها، كأي شيء جديد لم يأخذ عنه خبرة ولا تجربة، والطفل تعود في الأشهر الأولى على لبن الأم، وعندما يبدأ في تجربة تناول الطعام يصاب بحالة من الخوف، ويتردد في خوض التجربة، ولذلك على الأم أن تتفنن في طمأنة طفلها ونزع الخوف منه، بطرق مختلفة فتحاول تهدئته وتضمه إلى حضنها وتشجعه بالكلمات، ثم تتذوق أمامه هذا الطعام، فسيحاول تقليد الأم وتعطيه الشعور بالفرحة والبهجة بعد تذوقها لطعامه، وتكرر تذوق طعام الطفل، وتصدر بعد كل مرة إيماءات وعلامات على وجهها تبين أن الطعام جميل وشهي، إلى أن يطمئن الطفل، ويحاول أن يجرب ويقلد أمه في الحركات والبهجة. ويوجد سبب من الممكن ألا يتضح للأم، وهو أن أحد أسباب عزوف الطفل ورفضه للطعام، لكونه في مرحلة التسنين، وفي هذه المرحلة يشعر الطفل بآلام شديدة، وتسبب له الخوف من تناول الطعام، وينشغل بالوجع، ويصاب بحالة من عدم الاستقرار، وحالة مزاجية صعبة، وفي هذه الحالة تتنبه الأم وتسارع إلى وضع بعض من جل التسنين المسكن على اللثة، حتى يهدأ، ويعود لحالته الطبيعية ثم تبدأ بإطعامه فتقوم الأم بفحص اللثة فإذا كانت حمراء وملتهبة، فذلك يدل على الألم والوجع، وقبل وضع الجل يجب استشارة الطبيب المختص، لكتابة نوع مناسب للطفل حسب عمره، وتتأكد الأم من أن جل التسنين خصص للطفل، وليس هو جل فموي عام، لأنه غير مناسب لمرحلة الطفولة، وتضع الأم الجل على إصبعها، وتدلك به اللثة ومكان الإحمرار والالتهاب، وجل التسنين يحتوي على مخدر موضعي يناسب الطفل، ويظهر مفعوله بشكل سريع، ويساعد على تخدير ألم التسنين، ويسكن أي ألم يصدر عن أية التهابات أخرى في فم الطفل، كما يمكن للأم في هذه الحالة أن تعطيه بعض الأنواع من شرائح الفاكهة الباردة، التي سيكون لها تأثير إيجابي على اللثة، فتؤدي دور جل التسنين، وفي نفس الوقت تعد غذاء مفيداً، أما في حال الألم الشديد، فلا مفر من إعطاء الطفل هذا الجل، كي يهدأ ويعود لطبيعته، ثم تحاول الأم إطعامه. كما أن إصابة الطفل ببعض الأمراض ستجعله يرفض الطعام، فلا تقلق الأم من هذا الرفض حتى لو استمر ليوم أو يومين، ففطرة الطفل تقوده إلى طلب الطعام أو رفضه، فعندما يشفى ويعود إلى حالته الطبيعية سيقدم على تناول الوجبات المخصصة له، فمثلاً عند إصابته بارتفاع درجة الحرارة أو تعرض للإصابة بنزلات البرد المختلفة، يؤدي ذلك إلى تراجع شهيته، ويعزف عن تناول الطعام، وينشغل بالوجع أكثر من انشغاله بأي نوع من الطعام، والأم في هذه الحالة تحاول أن تعوضه بكثرة مرات الرضاعة الطبيعية أو الصناعية، فالأطفال مثل الكبار أيضاً عندما يصيبهم المرض تقل شهيتهم، وأحياناً يرفضون الطعام إلى أن يخف هذا المرض، خاصة إذا كانت المعدة هي الجزء الذي أصابه المرض، أو بعض أجزاء الجهاز الهضمي. وتشير بعض الدراسات إلى أن الأطفال في عمر مبكر من 7 شهور يحاولون فرض شخصيتهم في هذا العمر، فيرفض تناول الوجبات المخصصة له، وذلك للتعبير عن رأيه في القبول والرفض، فهذه الرغبة في ظهور شخصيته طبيعية، ويجب أن تستجيب الأم لطفلها، ومع بذل مجهود طفيف من الأم سيقتنع الطفل بتناول طعامه، فلا مانع من تحقيق رغبته في إظهار شخصيته، مع تقديم طرق جذب في عملية التغذية، ويجب أن تعلم الأم أن شكل الطعام ومظهره مهم للطفل عند تقديمه له، وأيضاً على الأم أن تعد الطعام بمذاق مناسب للطفل، فلا يكون غريب المذاق أو يحتوي على ملح كثير أو به نسبة سكريات عالية، ولا يكون ساخناً فيسبب له تجربة سيئة، ويرفض الطعام خوفاً من السخونة، ويميل الأطفال إلى تناول الفاكهة بصفة عامة، أكثر من الوجبات، فيمكن أن تستغل الأم هذه الصفة، وتقدم له خليطاً من الفاكهة المفيدة، ويمكن أن تقوم بسلقها حتى يسهل على الطفل بلعها. وهناك الكثير من الطرق المجربة لتشجيع الطفل على تناول الوجبات، وكذلك تناولت بعض الدراسات أساليب متنوعة لكيفية جذب الطفل للطعام، وسنقدم بعض هذه الطرق والأساليب والخطوات التي يجب اتباعها، من أجل تغذية طبيعية سليمة، ومن هذه الطرق أن تقدم الأم الطعام إلى طفلها طوال اليوم، ولا تمل بسرعة وتزهق، فكثير من الدراسات توصي الأم بالتحلي بالصبر دائماً، فهو المدخل للنجاح مع الطفل، فلا تتعجل الأم سرعة استجابة طفلها لتناول الطعام بالكميات المطلوبة، وأيضاً لا يهم الكم في الطعام، ولكن الكيف هو الأساس، وستلاحظ الأم ما الطعام المفضل للطفل، وما الطعام الذي يرفض تناوله، وأحياناً يرفض بعض الأغذية، لأن جسمه ليس في حاجه إليها، ويعود لتناول هذا الطعام الذي رفضه من قبل، فليس في كل الأوقات يقبل على نفس الطعام، فحاسة التذوق لديه مرتبطة بحاجة جسمه إلى طعام يحتوي على العناصر التي يتطلبها للنمو، ومن خلال الملاحظة ستتعرف الأم إلى الأساليب التي تشجعه على تناول الطعام، وكذلك الأوقات المناسبة، والطعام الذي يحبه. والطفل في البداية سيحاول أن يغلق فمه، ويدير وجهه بعيداً عن الطعام، وربما يحاول ركل الطعام بقدميه، وسيصرخ ويرفض هذه المرحلة، فعلى الأم ألا تيأس بسرعة وتعتمد على الرضاعة الطبيعية، وتقلل من وجبات الطعام خوفاً من هذه السلوكيات، فيجب أن تتحلى بالحكمة والصبر، كما يجب على الأم أن تساعد طفلها على اختيار أنواع الأطعمة التي يرغب فيها، وتشجعه على ذلك، ولا تجبره على تناول نوع معين، وتستجيب له إذا رفض أن يكمل طعامه بعد تناوله لجزء صغير منه، وتحاول أن تتجنب أسلوب العقاب في تناول الطعام، فلا داعي للعقاب حتى لا يأتي بنتيجة عكسية ويكره تناول الطعام، وتحاول الأم أن تشارك طفلها في الطعام على سبيل التشجيع والترغيب، والأفضل أن تطعم طفلها في وقت طعام الأسرة، حتى يقوم بتقليد والده أو أحد إخوته، وهذه طريقة مجربة ومفيدة لترغيبه، ويمكن أن تقوم ببعض الحركات التشجيعية، فمثلاً تطعم الأب أمامه مثلما تطعمه أو أحد الإخوة كنوع من المنافسة، فهذه الطرق جيدة للطفل. وعندما يتماسك الطفل، ويستطيع أن يتناول الوجبات، فيمكن للأم في هذه الحالة أن تتركه يتناول طعامه بمفرده، وتترك له كامل الحرية في تجربة تناول الطعام، ولا تعنفه إذا سقط منه الطعام على ملابسه أو جسمه أو سقط على الأرض، فهذا يعد أمراً طبيعياً، ويمكن أن يسقط نصف الطعام، ويتناول الباقي، وأحياناً ربما يشعر الطفل بالشبع فيلعب بالطعام محاولاً استكشافه، المهم أن تتابع الأم من بعيد وتراقب سلوك طفلها جيداً، وتشجعه من حين لآخر ثم تتركه يكمل، وتنوع له في الوجبات، حتى تعطي الفرصة له لاختيار ما يناسبه، كما يمكن أن تبدع الأم في طريقة تقديم الطعام، فتختار أدوات الطعام الجذابة والملونة، أو التي يرسم عليها بعض الرسوم التي تناسب عمره، وهذه الأدوات متوافرة في المتاجر الكبرى، فهي تساعد على تشجيعه لتناول الطعام. ويمكن أن تجهز الأم طبقاً من شرائح الفواكه كالتفاح مثلاً، مع بعض شرائح الجزر، وبعض الأطعمة اللينة، وتتركها أمام الطفل طوال اليوم، حتى يمكن أن يتناول بعضها أثناء اللعب ثم ينشغل ثم يعاود تناول شرائح أخرى منها، وتتركه براحته فهو سيقوم بتناول قطعة كلما احتاج إلى ذلك، وبذلك تكون الأم قد تحررت من مكان معين للطعام، وتركت طفلها يلهو ويأكل وقتما شاء، هذا إضافة إلى الوجبات المطلوبة والمحددة لعمره، ويمكن وضع شرائح الفاكهة على أشكال معينة جذابة، وهو سيفرح ويحاول اللعب مع الأكل بهذه الأشكال، مع الأخذ في الاعتبار عدم تقديم أي حلويات ولا عصير ولا حليب قبل وجبة الأكل الأساسية، لأن ذلك سيؤدي للإشباع، ويفقده شهية الوجبة الرئيسية، فكما تعلمين فإن الطفل يمتلك معدة صغيرة، تتسع لعدد معين من الملاعق الصغيرة، تصل إلى خمس ملاعق، وبعدها يمتنع عن الطعام، لذلك يجب أن تكون الوجبة الأساسية هي الأولى، ثم بعد ذلك أي نوع من المكلمات، ولا يجب تقديم كميات كبيرة من الطعام، حتى لا يصاب بفقدان الشهية، وأيضاً يمكن أن تصاب الأم بالإحباط نتيجة عدم تناوله كمية كبيرة، ولذلك ينبغي تحديد كمية صغيرة يتناولها ثم بعد ذلك يقدم للطفل كمية أكبر بالتدريج. وتوضح الدراسات أن رفض الطفل لنوع محدد من الطعام هو أمر طبيعي، ولن يرفضه الطفل للأبد، فربما كان مذاقه هذه المرة غير مناسب، أو أن جسمه لا يحتاج إلى هذه النوع من الطعام، أو لديه حساسية من هذا الغذاء، وعلى الأم أن تكرر تقديم هذا النوع مرة أخرى، وترى ماذا سيكون رد فعل الطفل، مع القيام بنوع من التجديد في تقديمه، وتغيير بعض محتوياته، فقد يقبل عليه بعد التعديلات، أو قبل التعديلات، فكثيراً ما نلاحظ بعض الأطفال يرفضون نوعاً معيناً من الفاكهة في وقت معين، ثم يقبلون عليه في وقت آخر، والأهم من ذلك ألا تستعجل الأم طفلها في تناول وجبته، أو تضع كميات كبيرة في فمه كي تنتهي من طعامه، فهذا خطأ لأن أعضاء جسم الطفل صغيرة ولم تكتمل بعد، وحجم البلع لديه ضعيف جداً، كما أن أسنانه لم تكتمل بعد، وجهازه الهضمي يعد ضعيفاً لا يتحمل الأكل السريع، ولا الكميات الكبيرة، ولذلك على الأم أن تترك طفلها يأخذ راحته في تناول وجبته حتى ينتهي منها في أي وقت شاء. ومن الخطأ الذي تقع فيه بعض الأمهات، أنها تقوم بإعطاء طفلها بعض الحلويات بعد الانتهاء مباشرة من تناول وجبته، فذلك يؤدي لاضطرابات في جهازه الهضمي، ويسبب له بعض المشاكل، فعلى الأم أن تنتظر فترة قبل أن تعطيه بعض الحلوى، ويا حبذا لو كان هناك أصدقاء في نفس سن الطفل، ويتناولون معه الطعام، لأن هذا يؤدي إلى تغير مزاج الطفل بصورة كبيرة، ويقبل على تناول وجبته بشكل جيد، ويمكن أن تشجع الأم طفلها بأن تجعله يشارك معها في اختيار أنواع الفاكهة التي يرغب فيها، وكذلك الخضراوات، وتحاول استخلاص رأيه باستمرار في أنواع الطعام التي يحب أن تجهزها له، على سبيل تشجيعه على الكلام والفهم والإدراك، فالأطفال في الأغلب يفهمون الأمهات بصورة كبيرة، ويواصلون بشكل جيد دون القدرة على التعبير الكامل.