امر القضاء التركي الجمعة باخلاء سبيل احد المتهمين الرئيسيين في قضية فضيحة الفساد المالي والسياسي التي تهز منذ شهرين الحكومة التي استانفت بحث مشروع قانون مثير للجدل يهدف الى تعزيز السيطرة على القضاء. وبعد اسبوعين فقط من تعيين مدعي جديد للاشراف على التحقيقيات المتعلقة بقضية الفساد هذه اطلق سراح رئيس مجلس الادارة السابق لبنك "خلق بنك" سليمان اصلان وخمسة اخرين من المتهمين معه من السجن صباح الجمعة حسب وسائل الاعلام التركية وذلك بعد ان امضى شهرين في الحبس الاحتياطي. لكن سليمان اصلان الذي اقيل من رئاسة البنك الاسبوع الماضي لا يزال متهما بالفساد والتزوير وتبييض الاموال لقيامه بتسهيل صفقات تهريب كميات من الذهب مع ايران. وفسرت قرارات الافراج التي صدرت الجمعة على انها دليل جديد على ان الحكومة احكمت من جديد قبضتها على القضاء. وقال وزير الثقافة السابق ارتوغرول غوناي الذي استقال من حزب العدالة والتنمية الحاكم ان "المصرفي الذي عثر في منزله على 4,5 مليون دولار حر طليق. والقوانين التي ستسمح بالافراج عن الباقين تسير جيدا". وخلال تفتيش منزله عثر رجال الشرطة على نحو 4,5 مليون دولار من الاوراق الصغيرة مخبئة في صناديق احذية ليصبح الرمز المجسد للفساد في نظر المعارضة والمتظاهرين الذين ينددون بفساد نظام رئيس الوزراء رجب طيب اردوغان. وقد ضع اصلان في الحبس مع 23 متهما اخر من المقربين من الحكومة من بينهم رجل الاعمال الاذربيجاني رضا زراب الذي كان وراء صفقات بيع الذهب لايران وابناء ثلاثة وزراء سابقين هم وزراء الاقتصاد والداخلية والبيئة وذلك لاتهامهم بتلقي رشاوى. ولا يزال هؤلاء الاربعة قيد الحبس الاحتياطي. وقد وجه الاتهام اجمالا الى عشرات من رجال الاعمال وكبار الموظفين والنواب القريبين من السلطة في هذه القضية التي احدثت صدمة سياسية تهدد اردوغان وحكومته عشية الانتخابات البلدية في 30 اذار/مارس والرئاسية المقررة في اب/اغسطس المقبلين. وكشفت وكالة انباء الاناضول شبه الرسمية الجمعة ان الابن البكر لرئيس الوزراء خضع للاستجواب في 5 شباط/فبراير الحالي دون مزيد من التفاصيل. واشارت بعض وسائل الاعلام التركية الى وجود شبهات في ان بلال اردوغان الذي يراس مؤسسة لمساعدة الطلبة تلقى رشاوى. ووصف احمد اوزيل محامي نجل اردوغان هذه الاتهامات بانها "مجرد ادعاءات وتفسيرات". وزعزعت هذه الفضيحة غير المسبوقة الاغلبية الاسلامية المحافظة التي تحكم تركيا بلا منازع منذ 2002. فقد ترك الوزراء الثلاثة الذين القي القبض على ابنائهم اضافة الى وزير الشؤون الاوروبية الحكومة في اطار تعديل حكومي واسع جرى في اخر كانون الاول/ديسمبر، كما انسحب تسعة من نواب حزب العدالة والتنمية من هذا الحكم الذي اعلن نفسه بطل مكافحة الفساد. ومنذ اسابيع يتهم رئيس الحكومة حلفاءه السابقين في جماعة الداعية فتح الله غولن الواسعة النفوذ داخل الشرطة والقضاء التركيين باقامة "دولة داخل الدولة" واستغلال التحقيق لاسقاطه. لكن منظمة غولن تنفي بصورة قاطعة هذه الاتهامات. وردا على ذلك اجرى اردوغان حملة تطهير تاريخية في صفوف الشرطة والقضاء مستهدفا خصوصا معظم رجال الشرطة والمدعين المكلفين التحقيقات التي تهدد الحكومة. واشار القاضي الجديد المكلف الملف الى انه سيعيد التحقيق من نقطة الصفر معربا عن الاسف "لعدم كفاية الادلة" التي جمعها سابقوه. وبشكل يومي تكثف بعض الصحف والمعارضة الاتهامات لاردوغان بالتدخل لاخماد القضية. وبعد التصويت الاسبوع الماضي على قانون يفرض رقابة على الانترنت لقي تنديدا واسعا باعتباره مقيدا للحرية استأنف البرلمان الجمعة بحث الاصلاح القضائي المثير ايضا للجدل الذي يعطي لوزير العدل الكلمة الاخيرة في التعيينات القضائية. وقد اثار هذان النصان انتقادات كثيرة سواء في تركيا او في الخارج. وقال كمال كيليتشدار اوغلو رئيس حزب الشعب الجمهوري، اكبر احزاب المعارضة، "انهم يريدون ارهاب الشعب والقضاة والمدعين" مضيفا "نرى انه من العار على ديموقراطيتنا مناقشة مثل هذا النص".