دائما ما يصنف بعض الناس أن العلم والإلمام بكل شيء أمر صحيح، إلا أنني هنا سأثبت عكس هذا الرأي ولو في حالة معينة. في عام 1984 كانت باكورة الظهور السعودي على مستوى الرياضة وبالتحديد كرة القدم، لا أذكر كثيرا من التفاصيل لصغر سني في ذلك الوقت، ولكن في تلك الحقبة كان الكل يشجع المنتخب، وأقصد أن الكل يحب المنتخب. في كأس آسيا ذلك الحين كان الكثيرون «رجالا ونساء وشبابا واطفالا» لا يفهمون تفاصيل الكرة مثل الآن، ولكن كان الكل يشجع الراية الخضراء وقميصها فقط. أما الأمور الفنية فكانت للمتخصصين الذين لا نشاهدهم ولا حتى نعرف أكثرهم، لن أبالغ إن قلت: لا نعرف بعض أندية اللاعبين، حيث إن بعضهم لم يكن من أندية شهيرة، بل مغمورة ومن الدرجة الأولى. كنا نفرح فرحة واحدة بغض النظر عمن يسجل الهدف وما اسمه، المهم والأكيد اننا نفرح لصالح منتخبنا. استمر جهلنا الجميل في كل شيء عدا حبنا وتشجيعنا منتخبنا حتى ما يقارب منتصف الالفية تقريبا عام 2007 بعدها وحتى اليوم أصبح الكل يشارك في المنتخب، الكل يديره، الكل يحلل اداءه، الكل ينتقد أو يؤيد خياراته. أصبح كالسفينة التي لا يقودها ربان واحد، بل ألف ربان، تخلينا عن مهمتنا الاساسية وهي ان نكون جاهلين في كل شيء الا تشجيع وحب المنتخب، بل عكسنا الآية، فأصبح الإعلامي محللا وناقدا ومشككا ومثيرا للتعصب، واصبح اللاعب السابق الذي فرحنا حين سجل اول من يختلق الاكاذيب ويشككنا في زملائه وقبل ذلك في ولائه. وانعكس ذلك ليس على منتخبنا فقط، بل على كل رياضتنا برمتها، فتوالت الانتكاسات في تصفيات كأس العالم كل مرة، أندية تتورط في مبالغ متعثرة عن السداد، لاعبون معاقبون بسبب المنشطات، هيئة الرياضة تسقط أندية لثبوت فساد في مبارياتها، اتحاد قاري يوقع غرامة على اتحادنا لعدم اهلية اثنين من انديته بالمشاركة لعدم اهلية ترخيصهما. اتحاد لالعاب القوى يحل نظير عدم تحقيق اي انجاز اولمبي والمصيبة الكبرى والطامة، عضو مجلس إدارة الاتحاد السعودي يصرح ويؤكد وجود فساد في منظومة الكرة ويؤكد ذلك عبر أكثر من تصريح فضائي متلفز. إلى أين تنوي الاستقرار تلك الكرة الجليدية المتدحرجة التي أصبحت أكبر من أي وقت مضى؟ ألم يكن الجهل وعدم التدخل جميلا في ذلك الوقت الذي أهدى لنا الكثير من السعادة؟ ألم نعط الخبز لخبازه ونتفرغ فقط لأكله والاستمتاع به؟ ماذا ننتظر أكثر وأكبر ليحل بنا؟ المسألة بسيطة جدا، نظام صارم في كل من يتجاوز حده سواء كان اداريا او مدربا او لاعبا او حتى مشجعا، وكما يقول صديق لي دائما: لا تتعاقد مع محاسب أمينا في شركتك، بل أحضر حتى لصا ودعه يعمل في أقوى نظام ليصبح رغما عنه أمينا. بإذن الله ألقاكم السبت المقبل... في أمان الله.