×
محافظة المنطقة الشرقية

برنامج واعد للحفاظ على سحرالحياة الليلية في لندن

صورة الخبر

يثير توقيت طرح وزير الدفاع الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، خطة تجاوز السلطة الفلسطينية في الحوار عبر شخصيات سياسية واجتماعية واقتصادية، تساؤلات عدة في اسرائيل. فلم يمر اسبوعان على هجومه على الرئيس الأميركي باراك أوباما، حول الاتفاق النووي ومقارنته باتفاقية ميونيخ مع ألمانيا النازية، حتى دخل في ورطة سياسية جديدة، في ذروة الجهود الدولية والإقليمية لتحريك العملية السلمية مع الفلسطينيين وإعلان المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، مارك تونر، تكثيف الجهود لتحريك العملية السلمية نحو تحقيق «حل الدولتين» واستعداد بلاده للعمل لدعم المبادرة الفرنسية للسلام التي تدعو الى عقد مؤتمر دولي للسلام في الخريف المقبل لوضع آليات جديدة لقيام الدولة الفلسطينية على أراضي عام1967 وعاصمتها القدس. بعد ساعات من طرح ليبرمان خطة «الجزرة والعصا»، بل «الجزرة والعصي» تجاه الفلسطينيين، خرج نائبه، ايلي بن دهان بأفكار أشد عدوانية، فاعتبر السلطة الفلسطينية مشكلة المشاكل وعقبة امام العملية السلمية ليقترح حلها وضم الضفة الغربية الى اسرائيل وفرض سيادة وقانون الدولة العبرية عليها. التساؤلات حول خطة ليبرمان تناولت أيضاً مدى علاقة رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو بها وهل تم تنسيقها معه أم لا. والسؤال الأهم هو: هل سيجد ليبرمان شخصيات فلسطينية خارج القيادة للحوار معها. ومن هم هؤلاء الآكاديميون ورجال الأعمال والمثقفون الذين وافقوا أو سيوافقون على مشروعه للحوار؟ وما هو هذا الموقع الإخباري الذي ينوي ليبرمان إطلاقه باللغة العربية ويرصد له موازنة عشرة ملايين شيكل (حوالى 3.3 مليون دولار) لمخاطبة الفلسطينيين. ومن سيحرره له؟ وكيف سيخاطب الفلسطينيين ويحاورهم في ظل أضخم هجمة استيطانية على الضفة الغربية وأكبر عمليات تهويد للقدس العربية المحتلة؟ وعلى رغم ان ليبرمان اعلن ان خطته تختلف عن خطة شارون «روابط القرى» الا ان منتقدي سياسة ليبرمان ذكّروا إن اسرائيل اعتقدت انها ستكون قادرة آنذاك، اي في الثمانينات عند طرح مشروع روابط القرى، على تأسيس قيادة فلسطينية تلتف على منظمة التحرير الفلسطينية، لكن تلك المبادرة منيت بالفشل فمعظم قادة تلك الروابط كانوا فاسدين، وتم اتهامهم بالعمالة لإسرائيل. فهم حملوا السلاح المصادق عليه من جانب الجيش الإسرائيلي واستخدموه ضد المدنيين. وقدم منتقدو ليبرمان نصائح له بالعمل لتشكيل بديل لمفاوضات سياسية ذات مغزى وطرح خطة سياسية مقبولة التعامل مع شخصيات فلسطينية بتجاوز السلطة الفلسطينية، وهو مشروع يطابق مشروع روابط القرى، لم يشارك في بلورته ليبرمان وحده انما طرح بالتنسيق مع شخصيات سياسية وأمنية. وبموجبه يتم تقسيم الضفة الى مناطق مهددة بعقاب يومي من إسرائيل ومناطق يعتبر الاسرائيليون سكانها مسالمين، ستحظى بدعم ومساندة اسرائيلية. ففلسطينيو بيت ساحور وجزء من سكان نابلس وقرية بديا وقلقيلية سيحظون بدعم اسرائيل كإقامة مستشفى ومنطقة صناعية ومرافق لتطهير المياه وتوسيع مخطط البناء. اما الجزء الاكبر من البلدات الفلسطينية، وفق خطة ليبرمان، فسيكون سكانها الفلسطينيون معرضين للمزيد من اليد الحديدية والعقوبات: تكثيف نشاطات الجيش في مناطق A: سياسات هدم وإغلاق وترسيم خرائط بيوت لمنفذي العمليات واقتحامات لها، وتكثيف حملات الاعتقالات، وإلغاء بطاقات الـ V I P الممنوحة لكبار موظفي السلطة الفلسطينية ممن تقرر اسرائيل انهم يحرضون عليها، وتوسيع أعمال التفتيش وفحص السيارات في الحاجز الرئيسي الموجود قرب مخيم قلنديا للاجئين، وفرض رقابة مشددة على بناء الفلسطينيين الذي تعتبره اسرائيل غير قانوني. الاعتقاد السائد هو ان ليبرمان طرح خطته هذه لمواجهة هجمة سياسية اسرائيلية داخلية على حكومته، يقال إنها تحظى برضا وتأييد القيادات العسكرية وهو يحاول اجهاضها. هذه الهجمة تنعكس اليوم في أبحاث الخبراء في معظم معاهد الأبحاث في اسرائيل وتحظى بتأييد المعارضة من جهة وتأييد دولي ايضاً من جهة ثانية. وفي صلبها انتقاد الحكومة بشدة على استمرارها في الجمود القائم في مفاوضات السلام وطرح أفكارعدة لتغيير نهج الحكومة. وقد انعكس هذا في شكل خاص في مقال نشرته صحيفة «معاريف» اليمينية وكتبه اودي سيجال، المراسل السياسي للقناة الثانية للتلفزيون الإسرائيلي، المعروف بعمق علاقاته بالسياسيين. وهو كتب ان العديد من السياسيين يفكرون بضرورة طرح مبادرة اسرائيلية سياسية لإقامة السلام مع الدول العربية ومع الفلسطينيين. وسمى هذه الخطة «خريطة طريق» لكل دولة عربية. وهي على الشكل التالي: «قد يحصل هذا في الشهر القريب جداً: بنيامين نتانياهو يذهب لوداع باراك اوباما. ولعل رئيس الوزراء سيقفز الى واشنطن لساعات عدة. نتانياهو يخاف من خطوة الشوط النهائي من أوباما، بعد الانتخابات في 8 تشرين الثاني، حين يصبح رئيساً بلا تأثير في الانتخابات ولكن مع صلاحيات وهدف واحد: الإرث. ماذا سيفعل؟ هل سيستغل الرئيس الزمن لخطوة واحدة أخيرة في الموضوع الإسرائيلي - الفلسطيني؟ هل سيضع اساسات لخطة السلام كأجندة مستقبلية لحكومة هيلاري كلينتون، اذا ما انتخبت؟ هل يرسم وجه الانسحاب الاسرائيلي كي يقيم فلسطين؟ لا احد يعرف، والآراء، هنا وهناك في واشنطن ايضاً - منقسمة. والسؤال هو ماذا تريد اسرائيل. هذا هو زمن نتانياهو لاستباق الضربة بالوقاية. هذا هو الزمن الذي يمكن فيه اسرائيل أن تعمل وتبادر، كي تحاول تصميم منظومة العلاقات مع البيت الأبيض في 2017 في شكل افضل وتوجيه الجهود الاميركية نحو خطوات تحسن وضعها الإقليمي، وهكذا تقيد المناورة السياسية غير المتوقعة في الساحة الدولية. وعليه، يتعين على نتانياهو ان يعرض مبادرة اسرائيلية. وعلى المبادرة أن تقوم على اساس خريطة الطريق، تلك الخطة القديمة من العام 2003 التي انزلت على ارئيل شارون وأقرتها حكومة اسرائيل مع تحفظات، وقبلتها أيضاً حكومة السلطة الفلسطينية برئاسة أبو مازن. نتانياهو، بالمناسبة، كان في حينه وزير المالية وصوت الى جانبها. صيغة خريطة الطريق يتعين تعديلها، رفع مستواها، توسيعها - وجعلها خريطة طريق إقليمية للعقد القريب المقبل في الشرق الأوسط. الخطة، التي ينبغي على نتانياهو أن يطرحها، تعرض الخطوات اللازمة للتنفيذ في الشرق الأوسط وفق المفاهيم الإسرائيلية، وذلك كي يصل نتانياهو الى اهداف قابلة للتحقق وباعثة على الأمل. عليه أن يحدد الشروط لوجود علاقات جيرة حسنة، وقف نار أو تسويات سلمية في كل واحدة من الساحات كي يمنع مبادرات زائدة تنزل في شكل عام على اسرائيل وتحظى بأوصاف مثل «ساذجة، هاذية ومنقطعة». ويقول اودي سيجال ان على نتانياهو توضيح ما الذي تريده اسرائيل. ويعرض خطوطاً عريضة لاقتراح ما سماها خريطة الطريق الشرق اوسطية، تهدف الى التوصل في شكل تدريجي الى تسويات بين الجيران وقدر الإمكان تسويات سلام تمنع حالة الحرب في المنطقة وتسمح بالتنمية وتعطي الفرص لسكانها، خريطة طريق يرى مقترحوها ان اسرائيل ستكون معنية بأن يؤدي تحقيقها الى انهاء النزاع مع العالم العربي وإلى علاقات سلام وجيرة حسنة مع كل دول الشرق الأوسط، بما في ذلك مع ايران. خريطة طريق تقرر المبادئ للسلوك حيال القوة العظمى الاقليمية في العصر ما بعد الاتفاق النووي. تعرض الاتفاق النووي كحقيقة سياسية تقبلها اسرائيل، حتى لو كانت تعارضه، وتدعو الى رقابة وثيقة على تنفيذ الشروط التي اتفق عليها. وتعرض الأهداف الإضافية للرقابة في شكل خاص قبيل انتهاء مفعول القيود في الاتفاق، بعد 9 و 12 سنة على التوالي. وتعرض اسرائيل على الفلسطينيين دمج كل الأمور التي كان نتانياهو مستعداً لها حتى الآن. اقامة دولة فلسطينية منزوعة السلاح، ضمان سيطرة الجيش الإسرائيلي امنياً على الحدود وكذلك في المنطقة نفسها. ويكون الجديد هو عرض شروط وقواعد لإنهاء الوضع ونقل الحكم الى جهة مستقلة. بمعنى أن اسرائيل تسيطر في المرحلة الأولى على كل شيء في ظل وجود اختبارات تنفيذ: اقامة دولة ديموقراطية عربية، تحترم القانون، تعمل وفق قواعد التدخل ومنع الإرهاب في شكل منسق مع اسرائيل والولايات المتحدة وتسمح بالاستيطان الإسرائيلي في اراضيها. على اسرائيل أن تعرض أي نوع من الدولة الفلسطينية مستعدة لأن تقبل بها وتقتطع رجعياً التنازلات الممكنة - مثل اعادة انتشار الاستيطان - بما في ذلك تكثيف الكتل وإخلاء المستوطنات المنعزلة ونقلها الى كتل استيطانية قائمة او جديدة - وفق نتائج محسوبة وواضحة من الكيان السياسي الفلسطيني الذي سيقوم. وهذا الوضع يذكر بأيام حكومة ارئيل شارون. ففي حينه بادر عدد من الشخصيات الإسرائيلية والفلسطينية الى طرح مشروع سلام جديد عرف باسم مبادرة جنيف. فمع أن مطلقي هذه المبادرة هم بالأساس من اليسار الإسرائيلي الضعيف التأثير، إلا أن رد الفعل الدولي عليها المتميز بالحماس اضطره لأن يأخذها بجدية. فلم يجد ما يرد به عليها سوى مشروع الانسحاب من قطاع غزة وإزالة كل المستوطنات اليهودية فيه. لقد أجهض شارون يومها عملية السلام، لكنه رسخ مبدأ على الأرض هو: أيضاً مع الفلسطينيين، كما مع الأردن ومصر، يكون الانسحاب الإسرائيلي كاملاً ويمكن اخلاء مستوطنين وإزالة مستوطناتهم. اليوم يتصرف ليبرمان على النهج نفسه، ولكن في شكل مقلوب. فعندما بدأت تطرح الخطط الجديدة حول مبادرة سياسية اقليمية ينبغي على اسرائيل عرضها، سارع الى طرح فكرته. ومشكلته الكبرى انه لا يقرأ في التاريخ حتى لو كان قصيراً. ولم ينتبه الى ان مشروعه سبق وتم تجريبه مرات، وفي كل مرة كان يصاب بالفشل المدوي.