الكثير من متتبعي كرة القدم، لا يفرقون بين الكونجو وجمهورية الكونجو الديمقراطية، فرغم اشتراكهما في الاسم إلا أن نهر الكونجو هو الذي يفصل بين بلدين أفريقيين، يشتركان في التاريخ واللغة والعادات والتقاليد، ما يجعل التنافس كبيراً بينهما في كرة القدم خاصة في السنوات القليلة الماضية، التي عرفت تألق منتخبي الكونجو والكونجو الديمقراطية في نهائيات كأس أفريقيا الأخيرة بغينيا الاستوائية، ليفوز الأخير عن الأول في نصف النهائي وليخرجا مع بعض مرفوعي الرأس في دورة أقل ما يقال عنها أنها كانت تاريخية لهما. تلك الطفرة التي حققها منتخب الكونجو ببلوغه ربع نهائي كأس أفريقيا مع المدرب المخضرم كلود لوروا لم تتوقف عند هذا الحد، بل تمكن الشياطين الحمر من بلوغ الدور الأخير من تصفيات كأس العالم بعد تفوقهم ذهاباً وإياباً على إثيوبيا تحت قيادة نفس المدرب، قبل أن يُغادر منصبه لتدريب منتخب توجو ويتم تعيين الفرنسي الآخر بيير لوشنتر على رأس منتخب الكونجو بهدف بلوغ نهائيات كأس العالم روسيا 2018 FIFA لأول مرة في التاريخ. وتعرّف منتخب الكونجو كسائر المنتخبات الأفريقية الأخرى على منافسيه في تصفيات روسيا 2018، ووقع في مجموعة متوازنة رفقة غانا ومصر وأوغندا. ولهذا الصدد، تحدث مدرب الكونجو بيير لوشنتر في حوار حصري لموقع FIFA.com عن حظوظ المنتخبات الأربعة قبل بداية التصفيات ببضعة أسابيع وأكد قائلا "المجموعة التي وقعنا فيها مفتوحة على كل الاحتمالات مقارنة بالمجموعات الأخرى، بالنظر للتقارب في مستوى المنتخبات. وحسب رأيي، فرغم اختلاف النسب بين 30 و60 في المئة لكنها ليس متباعدة، وكل منتخب لديه فرصة بلوغ نهائيات كأس العالم روسيا 2018 FIFA." بالنظرة الأولى، يرشح كل المتتبعين منتخب غانا وبدرجة أقل منتخب مصر لبلوغ نهائيات كأس العالم المقبلة، لكن تاريخ كرة القدم خاصة في القارة السمراء عوّدنا أن المفاجئات، تبقى واردة ولا أحد يضمن تأهله قبل دخول المنافسة الرسمية، وعن رأي لوشنتر في منافسيه، يقول "كما يعلم الجميع، لم تعد توجد منتخبات صغيرة في قارة أفريقيا، وكرة القدم تطورت كثيرا خلال السنوات القليلة الماضية، فربما منتخبا الكونجو وأوغندا هما الأضعف على الورق، لكن منتخب مصر لم يعد بالقوة التي عرفناه بها في السنوات الماضية، وتراجع مستواه كثيراً، أما منتخب غانا فيتواجد في مرحلة إعادة بناء. لهذا أظن أن المستوى متقارب جداً بين منتخبات هذه المجموعة ما يمنح الفرصة لكل منتخب كي يحتل المركز الأول." حصد النقاط في البداية سيكون منتخب الكونجو محظوظاً بالاستقبال في أول جولة على أرضه وأمام جمهوره، بالنظر لأهمية دخول التصفيات بفوز سيرفع المعنويات قبل بقية المشوار، وسيواجه أشبال بيير لوشنتر منتخب مصر في العاصمة برازافيل، وعن أهمية تحقيق انطلاقة قوية، يقول مدرب الكونجو "الجولتان الأولى والثانية، ستكونان مصيريتين لأي منتخب يريد لعب ورقة التأهل إلى كأس العالم، ولهذا الصدد، لو نحقق أربع نقاط أمام مصر وأوغندا، سنفتح لنا أفقاً في التصفيات ويمكننا المواصلة بثبات للعب الأدوار الأولى والمصارعة على ورقة المجموعة لبلوغ دورة روسيا، فتصفيات كأس العالم في القارة السمراء، تتطلب انطلاقة قوية منذ البداية." ويعتبر منتخب الكونجو من المنتخبات الأفريقية التي تفتقر للأسماء والنجوم، لكن السر في النجاح هو روح المجموعة والرغبة الجامحة في تمثيل البلد أحسن تمثيل في مختلف المنافسات القارية والدولية، ويتحدث لوشنتر عن خصائص منتخبه والطريقة التي يعمل بها لتحفيز أشباله وتحضيرهم للمباريات المقبلة "بخصوص اللاعبين الذين اعتمد عليه، فلا أفرّق بين اللاعب المحلي واللاعب المحترف والناشط في الخارج، بل أمنح الفرصة لأحسن العناصر التي تلعب بكل قوة وحماس وتقدم كل ما لديها فوق الميدان." وأضاف"لا نملك نجوماً في منتخبنا مقارنة بمنافسينا في المجموعة، لكننا سنعتمد على روح المجموعة والانضباط التكتيكي، فبتركيزنا على مثل هذه الأمور يمكننا تحقيق أهدافنا." وعلى عكس النجاح في تصفيات كأس العالم، لم يكن منتخب الكونجو محظوظاً في التأهل إلى نهائيات كأس أفريقيا المقبلة المقررة في الجابون في بداية سنة 2017، وأفلت منه منتخب غينيا بيساو الذي احتل المركز الأول في واحدة من أكبر مفاجئات التصفيات لحد الآن، ولهذا لم تبق أمام الكونجو سوى تصفيات كأس العالم ليركز عليها في الفترة المقبلة، وعن هذا صرح المدرب الفرنسي"بعد إقصائنا من تصفيات كأس أفريقيا، نلعب الآن من دون ضغط أو أي مركب نقص ونحاول بناء منتخب مستقبلي قوي تحسباً للمنافسات المقبلة وسنركز الآن على تصفيات كأس العالم." "الخبرة مهمة لكنها ليست كل شيء" ويُعتبر المدرب بيير لوشنتر من المدربين المخضرمين في أفريقيا، حيث سبق له أن تُوّج بكأس أمم أفريقيا 2000 على حساب نيجيريا على أرضها وأمام جمهورها بركلات الترجيح، ودرّب منتخب مالي ونوادي أفريقية عريقة على غرار المغرب الفاسي والنادي الأفريقي والنادي الصفقاسي والاتحاد الليبي، قبل تولي العارضة الفنية لمنتخب الكونجو. ما سيجعل من دون شك هذه الخبرة في مصلحة الشياطين الحمر عند دخول تصفيات كأس العالم بداية من أكتوبر/تشرين الأول. وعن هذه النقطة بالذات، يقول " من دون شك، فإن خبرتي في أفريقيا، ستكون مفيدة لمنتخب الكونجو، لكنني أؤمن أن نجاح المدرب يقتصر على 30 في المئة من إمكانياته التدريبية و70 في المئة من الحظ." وقبل أن يختم الحوار، عرّج المدرب الفرنسي على حظوظ منتخبات المجموعات الأخرى، ورأيه في كل مجموعة ومن يرشح فيها لبلوغ نهائيات كأس العالم، ففي مجموعة تونس، ليبيا، الكونجو الديمقراطية وغينيا، يرى لوشنتر "أن الكونجوليين أوفر حظاً لبلوغ النهائيات، بشرط أن يتم تنظيم الأمور الداخلية والقضاء على المشاكل التي يعاني منتها المنتخب." وبخصوص مجموعة الجزائر وزامبيا والكاميرون ونيجيريا، يقول "يُمكن لنيجيريا أن تخلق المفاجأة" وفي مجموعة الموت التي تضم كوت ديفوار والمغرب ومالي والجابون، قال لوشنتر أن "منتخب مالي قوي ويتم تسييره بطريقة رائعة من مواطنه آلان جيريس." أما آخر مجموعة التي تضم كل من السنغال وجنوب أفريقيا ووبوركينافاسو والرأس الأخضر، فرشح المنتخب السنغالي قائلا "لديهم جيل رائع من اللاعبين والأسماء تتحدث عن نفسها."