×
محافظة المنطقة الشرقية

«الإرهاب» و«الحد الجنوبي».. أعمدة مناشط الأندية بتعليم القصيم

صورة الخبر

بعد ما يقرب من العام من اختفاء الشملان في أقبية سجون دبي، حتى لحظة نقله لسجن نايف ونتعرف بعدها على مسرحية الجهات الأمنية بأسلوب الإيعاز والإيماء، حيث باشرت عبر رجالها الطيبون! بطرق باب بيت الشملان في البحرين تعالوا اخذوا ولدكم! وبالفعل جديرة الحكاية كلها بضرورة فتح ملف احجية الاعتقال والانتقال لمرحلة الغيبوبة ثم التعذيب والهذيان / الهلوسة والهستيريا. أمضى الشملان بعد عودته كل فترة عام 1971 لغاية المسيرة العمالية في مارس 1972 في البحرين، فيما أحمد حميدان كان يقضي فترة سجنه في سجون وأقبية سلطنة عمان، ولم يسّلم للبحرين إلا مع فترة ترتيب استقلال بلدان الخليج الرازحة تحت الهيمنة الاستعمارية البريطانية، كان في الوقت ذاته أحمد الربعي الذي اعتقل مع حميدان، يتمتع بحقوق كبيرة في الكويت بعد أن طالبت حكومته بتسليمه. لن نولي أهمية لملف الربعي في تلك الفترة بقدر ما يهمني، لماذا لم يتحدث أحمد حميدان كثيرًا عن تفاصيل تلك التجربة ويكتبها؟ وما هو حجم الاعترافات التي واجهوه بها في فترة التحقيقات والتعذيب؟! من جديد سيلتقي الأحمدان في سجن بيت الدولة، لتظل بين أروقة هذا السجن علاقتهما متوترة للغاية، فحين وصلنا نحن للسجن في جدا في مارس 1972، منحنا الضابط سميث فرصة اللقاء برفاقنا في سجن بيت الدولة لمدة ساعة، وكانوا أربعة أشخاص، أحمد حميدان وأحمد الشملان وأحمد حارب ومحمد حسين نصر الله. لا تنسى ذاكرتي ولا أنسى حديثي مع علي الشيراوي الذي كنت أتقاسم معه الزنزانة، ان تجربتنا لزيارة الربع في سجنهم لا تسر الخاطر ولم تمنحنا رغبة تكرار الذهاب اليهم، فقد كان نصرالله يجامل ويطيّب خاطر الشملان وحميدان في لعبة الشطرنج، تارة مع حميدان وتارة مع الشملان، وكان أحمد حارب أصغر سنًا وموقعًا تنظيميًا من أن يتدخل في خلافات قيادية بدت عويصة ممتدة آثارها من تجربة دبي والخارج. بعد تجربة دبي وسجن مسقط والبحرين سيغادر بعد إطلاق سراحه أحمد حميدان لباريس لاستكمال تعليمه العالي ليعيش فترة عزلة سياسية طويلة، ليعود بعدها الى أبوظبي لتمتد تلك العزلة والصمت لمدة أطول حتى عودته للبحرين قبل المشروع الإصلاحي بسنوات. فيما التحولات الفكرية والسياسية عند أحمد الشملان لم تتوقف، ومسيرته النضالية ظل مشعلها متواصل ومتوقد، رغم تشابهه بفرصة الدراسة العليا مجددًا في موسكو، ثم تحوله الحزبي من عضو في الجبهة الشعبية الى عضو في جبهة التحرير ودراسته في جامعة لومومبا، كلها تعكسان تطوره الفكري ومواصلته النضالية، ليدفع الثمن الباهظ لالتزامه الحزبي سجنًا ومضايقات. تلك المحطات السياسية والنضالية والإنسانية لكلا الأحمدين تناغمت وتناقضت وتفجرت بخلافات حادة، ظلت دومًا في إطارها التنظيمي والرفاقي، حتى لحظة وقوع الفاس في رأس الشملان في دبي، حيث تؤكد تلك الحكاية أن المخابرات كانت على علم وتتبع لتلك المجموعات، وقد اكتشفت جزءًا من عناصرها على أقل تقدير، إما عن طريق الاختراق او عن طريق المراقبة والرصد أو الاعترافات الخفية أو الثلاثة معًا، فدائرة ومحيط بر ديرة ودبي في تلك الفترة ضيق ومحصور بين القاطنين، وبأمكانك بكل سهولة معرفة الغرباء من أهل الديرة. ما بين خور ديرة ودبي كان مسلسل ملاحقة من اختبئوا في تلك المنطقة والبيوت من أعضاء الحركة الثورية الشعبية مستمرة على قدم وساق، فمن حضر من البحرين او بيروت أو اي مكان اخر للتسلل لعمان الداخل، كان عليهم العودة لبلدانهم بخفي حنين وإلا كان نصيبهم الاعتقال والتسليم لسلطات البحرين أو ترحيلهم، وهذا ما تم لعناصر مثل عبيدلي والنعيمي وسالم ويدي وعبدالله مطويع وعبدالمنعم الشيراوي. فقد كان لكل واحد منهم حكايته مع الضربة والملاحقات الأمنية. كنت يومها عدت من القاهرة الى أبوظبي وأنا في حالة نفي، وقد انتظرت ما يقرب من ثلاثة شهور أن تصل موافقتي الدراسية مجددًا الى موسكو، ولكنها لم تصل وصار بقائي في القاهرة عبئًا على كرم من استضافوني في شقة حي العجوزة - شارع شاهين، حيث كان الثلاثة كرماء معي، وهم خالد عبدالله الحمد والفنان أحمد العريفي وعبدالمنعم الشيراوي. وسأتطرق في حلقات لاحقًا للمكانين في تلك الفترة 69 - 70 القاهرة وأبوظبي لما لهما من أهمية ملموسة ومعايشة عملية لانشقاقات حركة القوميين العرب في القاهرة، وكنت أشهدها وأسمعها وألمسها لمسًا وبروح من المهاترات الصبيانية الطلابية. وفي هذه الفترة سألتقي منعم الشيراوي وعبيدلي العبيدلي بين عبق القاهرة والنيل ولهب أبوظبي الصحراوي.