بقلم : عبد الوهاب ابو زيد عقب أحداث 11 سبتمبر 2001م في نيويورك، وتفجيرات مدريد في مارس عام 2004م، وتفجيرات لندن في يوليو 2005م، التي قام بها متطرفون منتمون إلى القاعدة أو متعاطفون معها، انتشرت موجة من العداء للإسلام والمسلمين في الغرب إجمالاً وفي الولايات المتحدة على وجه الخصوص، وارتفع معدل الاعتداءات والممارسات العنصرية ضد المسلمين في الولايات المتحدة وأوروبا كلها، وعلت أصوات الأحزاب اليمينية التي صارت تجهر بعدائها للإسلام، الدين الذي صُوِّر بأنه يحض على ممارسة العنف بكافة أشكاله ضد الآخرين، كما قرَّ في وعيهم المتوجس والمرتاب في المنتمين إليه حتى وإن كانوا مواطنين في تلك الدول. وهنا نذكِّر أن من قاموا بتنفيذ تفجيرات لندن هم مسلمون بريطانيون ولدوا ونشأوا في بريطانيا. من قاموا بتلك الأعمال الإرهابية ومن جعلوا من أجسادهم آلة للقتل والتدمير والتفجير لا يمثلون الإسلام بالطبع ولا ينطقون بلسانه وإن زعموا ذلك وألحوا في ادعائه. ولكن هذا الأمر لا ينفي أن ثمة صورة سلبية قد تشكلت وترسخت في أذهان كثير من الغربيين عن الإسلام وعما يمثله نتيجة لما قامت به حفنة المهووسين الذين أساءوا تأويل تعاليم الإسلام وأساءوا من ثَمَّ إليه كدين سلام ومحبة ورحمة. وكما انبرت تلك الفئة من الضالين والمضللين إلى تشويه صورة هذا الدين العظيم لتجعل منه رديفاً للقتل والإرهاب، ينبغي أن تنبري فئة أخرى أكبر وأكثر (من الأغلبية الصامتة) لتعديل كفة الميزان وإعادة الأمور إلى نصابها الصحيح، عبر تقديم صورة إيجابية عن الإسلام وما يمثله من قيم إنسانية عظيمة. هذا ما فعلته على سبيل المثال، كما جاء في الخبر المنشور في هذه الصحيفة في 9 فبراير 2014م، مجموعة من المبتعثين السعوديين وبعض الجاليات الإسلامية من رجالٍ ونساءٍ وأطفال في الولايات المتحدة الأمريكية عبر حملة «نبي الرحمة»، التي قاموا من خلالها بإهداء الشعب الأمريكي 40 ألف وردة تحمل شعار: محمّد، مُربٍّ مثالي ورجلُ حكمة. وهذه الحملة كما يقول الخبر تقام للعام الثاني على التوالي، وقد كان لها ردود أفعال وأصداء إيجابية في أكثر من 55 مدينة، في 5 بلدان، فبالإضافة إلى الولايات المتحدة، شملت الحملة كلا من كندا وهولندا وبولندا وإيرلندا. مثل هذا الفعل الرمزي البسيط، وهذه الحملة المنظمة التي قام بها طلاب أرادوا أن يفعلوا شيئاً يخدمون به دينهم سيكون لها بلاشك دور فاعل في ترك أثر وانطباع إيجابيين لدى من تتوجه لهم، وهي جديرة بالتشجيع والشد على يد القائمين عليها. غير أن الغريب في الأمر هو أن الملحقية الثقافية السعودية في أمريكا، كما يقول الخبر المنشور في صحيفة اليوم في 8 فبراير الجاري وجهت تحذيراً لطلابها المبتعثين من المشاركة في الحملة، وذلك بحجة احتواء الحملة على أحاديث غير صحيحة أو ضعيفة، وقد أصدرت بهذا الشأن تعميماً حمل توقيع مساعد الملحق للشؤون الثقافية. السؤال هنا: لماذا لم تبادر الملحقية إلى مخاطبة القائمين على هذه الحملة بشأن الأحاديث المشكوك في صحتها، للتنسيق في اختيار أحاديث لا تحتمل الجدل حولها، وذلك ليس بالأمر الصعب بالتأكيد؟ والسؤال الآخر هو أما كان من الأولى بالملحقية أن تبادر في تنظيم وترويج ودعم مثل هذه الحملات ذات البعد الإنساني الرمزي بدلاً عن أن تحاول إفشالها ووضع العراقيل في طريقها؟ نقلا عن الشرق