تساؤل يأتي من شرائح مختلفة من المهتمين بقضية الإسكان كون التمويل العقاري أحد الحلول لمشكلة الإسكان في أي مكان في العالم. والسؤال هل يحل التمويل مشكلة كثير من الأسر المحتاجة للسكن في المملكة؟ الملاحظ أن ردود الفعل لدينا غالبيتها سلبية في قضية التمويل العقاري بكل أنواعه سواء عن طريق البنوك أو جهات التمويل، وكذلك حلول وزارة الإسكان الجديدة المبنية على الاقتراض بفوائد. بعيدا عن العواطف وردود الفعل السلبية هناك سؤال، هل الحصول على مسكن عن طريق التمويل العقاري بكافة أشكاله يعتبر مخاطرة؟ والغالبية ترى أن الاقتراض مغامرة ومخاطرة كبيرة وبعضهم يراها شر عظيم! والجواب المنطقي يعتمد على مدى الحاجة التي تفرض علينا الاختيار وتحديد أولوياتنا؟ لقد عانت الأسر كثيراً من الإيجارات مع غلاء أسعار العقارات سواء الأراضي أو المساكن الجاهزة، ويوازيها ارتفاع سنوي في الإيجارات التي بدأت تستهلك غالبية دخل الأسرة. لا شك أن التمويل هو الحل الأمثل لغالبية محتاجي السكن، وبدونه لا يمكنهم التملك بواسطة الادخار حتى اكتمال قيمة العقار لأنه من المستحيلات في ظل ارتفاع الإيجارات وأسعار السلع والخدمات وتكاليف المعيشة. والسؤال هنا للغالبية ممن لن تشملهم برامج الدعم السكني الخاصة بوزارة الإسكان وكذلك الغير قادرين على الحصول على قرض من صندوق التنمية العقارية وسيكون اعتمادهم بعد الله على التمويل الذاتي أو الاقتراض. ومع الحلول التي تقدم اليوم لحل مشكلة السكن من خلال استراتيجية الدولة بشكل عام مثل فرض الرسوم على الأراضي البيضاء وطرح مشاريع جديدة وتقديم القروض من خلال الصندوق العقاري، أو بالتعاون مع القطاع الخاص ممثلا بالمطورين العقاريين المحليين والدوليين لطرح مشاريع سكنية جديدة حسب احتياج المواطنين. فالحقيقة التي يجب أن نعيها هي أن معظم الأسر السعودية لن تستطيع التملك إلا عن طريق الاقتراض سواء مشاريع الدعم السكني للوزارة أو قروض الصندوق العقاري أو بالاقتراض من البنوك وشركات التمويل، وغير ذلك لن تتمكن من التملك وهذا ما يجب النظر إليه بواقعية بعيدا عن العاطفة التي تملأ حياتنا حتى أصبحت مؤثرا سلبيا في كثير من قراراتنا. يبقى السؤال المهم الذي يشغل الكثيرين وهو متى يكون الدخول في مغامرة الاقتراض؟ حسب نظرة الغالبية وكذلك ممن يرى أنها مؤامرة للاستيلاء على رواتب المواطنين لعقود!! في وضعنا الحالي هناك هدوء وركود اقتصادي عام وشح في السيولة وترقب لوضع السوق العقاري وانتظار نتائج فرض الرسوم على الأراضي البيضاء ونزول الأسعار الى أدنى مستوياتها، والكثيرون لن يقدموا على الشراء أو الاقتراض بانتظار نزول أكبر للأسعار، وتقديم تسهيلات أكبر من البنوك وجهات التمويل. ومع ذلك يبقى التمويل هو الحل الأمثل لغالبية الأسر وستثبت الأيام بأنه الخيار الأول لعدم وجود البدائل.