بداية اقول ان هناك مبدأ يجب الاخذ به في ادارة الحوار في اي مجتمع من اجل المشاركة في التطوير وهذا (الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية) وهو الدليل الابرز على حيويته وعمق ايمانه بالاصلاح والتطوير لانه عندما يغيب هذا المبدأ تسود لغة الفرض والاذعان. وفي ضوء ذلك كثر الكلام والمرافعات في الصحف والقنوات الفضائية عن قضية توظيف الشباب وطالب المناقشون والمترافعون وزارة الشؤون المدنية بايجاد فرص العمل لهم.وهذا الذي اقوله قد يبدو كلاماً مكرراً ولكنه اصبح ضروريا هذه الايام حيث تعالت الاصوات في لقاء وزير الخدمة المدنية الاخير في لقاء (عكاظ) لتوظيف الشباب بعد عملية التصحيح وطرحت مشاريع ومقترحات في نماذج متعددة مثل ما طرحه وزير الخدمة المدنية فكرة استخدام مفهوم (الجدارة). بوضوح اقول ان رفع شعار (الجدارة) ومعه جهود صندوق تنمية الموارد البشرية وحافز ويوم المهنة انما هي مسكنات فقط ولم تنظر الى التعليم وجودته نظرة اخرى لا تعتمد على انه الاساس الحقيقي لاحداث تنمية بشرية لان التعليم لدينا مازال حائراً بين الجودة وسوق العمل التوظف. وكنا يقول المثل "اذا عُرف السبب بطل العجب". اننا ازاء واقع جديد هذه الايام يمكن اختصاره في سؤالين مهمين : هل مازلنا بلد الشهادات؟ وماذا تعلم ابناؤنا؟ ان الاجابة على السؤالين يؤكده بيان لوزارة الخدمة المدنية في احدى مناسبات اجراء امتحانات التوظيف بان قصور مخرجات التعليم حرم الشباب السعودي من (12) الف وظيفة حقاً اعتراف صريح لوزارة الخدمة المدنية كشف مأساة الشباب من الخلل في النظام التعليمي (وشهد شاهد من اهلها) كما يقولون. يكاد يُجمع خبراء التنمية البشرية في التقارير الدولية على ان التنمية هي عصب وعماد التنمية الشاملة والمستدامة فالبشر هم اداة التنمية وغايتها، وبقدر ما لديهم من معارف ومهارات وقدرات وقيم ايجابية يكون العطاء والانجاز في مسيرة البناء والتقدم من ناحية وتكون فرص العمل والتظيف جاهزة من ناحية اخرى. لا أظن ان هناك سبيلا لمجارات هذا الكم الهائل من طلبات التوظيف التي تحدث منها وزارة الخدمة المدنية وتقدمها برامج (الجدارة) سوى العودة الى دور المؤسسات التعليمية في تنمية الشباب السعودي وهدفه مهمة الشباب التركيز على تكوين وبناء قدراتهم وهي رؤية شاملة تبدأ وتنتهي بمخرجات المؤسسات التعليمية في طلابها. ان الحديث عن "الجدارة" كمفتاح للتوظيف هو حديث ذو شجون لانه يرتبط بقدرات الخريج الحامعي ومؤهلاته وملاءمته لشروط الوظيفة . لقد اظهرت تجارب الشعوب ان النجاح والتقدم لا يكون للبلدان كثيرة العدد او الغنية بمواردها الطبيعية فحسب بل يكون للبلدان التي تقيم نظاما تعليميا متطوراً وجهازاً تربوياً قادراً على تحقيق الجدارة والابداع في الشباب لتأهيلهم لسوق العمل وشغل الوظائف بمعنى اخر ان التنمية البشرية ترتكز على ان (جودة) التعلم هي ركيزة اساسية لربط المنظومة التعليمية بالمجتمع. اذن فجودة التعليم هي سر تحقيق الجدارة وتحقيقها شكلاً ومضموناً يجمع عناصر العملية التعليمية بما يحقق التكامل والتفاهم والتجاح مما يتيح لطلابنا المشاركة والمساهمة في تحقيق اهداف التنمية الشاملة والمستدامة ولان الامر كذلك فان حلقات او مراحل (جودة) التعليم ان تطال المواضيع التالية لاننا لا نستطيع صنع الغد بافكار (الحفظ) و(التلقين) و(الدروس الخصوصية) او الاكتفاء على الامتحانات .. وهذه المواضيع "الجودة" التعليم هي : * اعداد البرامج التعليمية على مستوى التخصصات لتشمل المضامين والاهداف. * اتباع اساليب وطرق وادوات التعليم والتعلم والتدريب بما يحقق للطلاب الربط النظري والتطبيقي مما يعكس في النهاية على شخصية الطالب وقدرته التنفيذية والابداعية. * ضرورة الرجوع الى التكامل الجامعي وبرنامج الارشاد الاكاديمي والغاء النظام الجامعي الحالي الذي يمثل الكليات شبه معزولة عن بعضها. * اتباع اساليب ومقاييس التعليم المستمر. * التأكيد على دور الادارة التعليمية بكل مستوياتها في العملية التعليمية بما يحقق المشاركة في المسؤولية في اتخاذ القرار بدءاً من المعلم والمدرس الناشيء في المدرسة. * اتباع اسلوب التخطيط المرحلي ومراجعة اساليب وبرامج تطوير المدرسين. * ضرورة توفير المعلم المؤهل والمدارس المتطورة التي يغلب فيها الكيف على الكم. * ضرورة مسايرة حقيقة العصر من خلال مضمون التعليم واسلوب التعلم ويكون هدفها بناء القدرة على مجاراة الثورة التكنولوجية الهائلة وربطها ربطاً وثيقاً بمتطلبات الوظائف وسوق العمل الخاص. خلاصة القول ان جودة التعليم جسر الى التميز في تعليمنا لانه يرمي الى تنمية قدرات ومهارات الشباب "الطلاب" بمعنى آخر فجودة التعليم هي الحل لغرس حب الابداع والجدارة في نفوس خريجين من الشباب (الطلاب) وهذا ما عكسته وتعكسه تقارير منظمة التنمية والتعاون الاقتصادي عن جودة التعليم ومعاييره لتانها ترى ان التعليم الجيد هو المحرك الاول والاخير لتحقيق الابداع والابتكار ثم الجدارة التامة في نفوس شبابنا.