المواطن واس الشروق الحاني صباح كل يومٍ، هو ما اعتادت مدينة أبها عليه في فصل الصيف، المعروف بحرارته على مختلف مناطق المملكة، بل إن الشمس في سماء أبها تتوارى في أوقاتٍ كثيرة خلف ركام السحب، وغيمات الضباب، وتجد أشعتها في أوقاتٍ أخرى طريقاً تعبر منه لتسطع في أرجاء المدينة الحالمة، التي ما فتئ الغيث يسقيها مطلع كل يوم ومع دنو المساء. ذلك هو المشهد الذي اعتاده أهالي مدينة أبها وزوارها في كل صيف، فالأرض خصبة، والمياه جارية في بطون الأودية والشعاب، والحقول مكسوة بالعشب، والأشجار يعانقها الندى، والغيم لحافها والغيث غسُولها، والهواء البارد والعليل يداعب كل شيء فيها. هذه الامتيازات التي حبا الله بها أبها، جعلت منها مقصداً سياحياً مهماً، وجد فيه الشعراء والأدباء مكاناً يتغنون به وتفيض قريحتهم بما تكتنزه تلك المدينة الحالمة من جمال طبيعي أخاذ، فنالت بذلك كثيراً من المسميات والأوصاف، حيث قيل عنها مدينة الضباب، وعروس الجنوب، ومملكة الجبال، وموطن الخيال. الكاتب رمضان العنزي يصفها بقوله: كل ما في أبها أبهرني، وأشعرني بالعافية، ومايزت نفسها عن المدن الأخرى، بجدائلها المخضبة، وعطرها الأخاذ، وفستانها الملون، ووجهها الجديد، حتى غدت مثل صبية مترفة بالحسن، ترفل بالزهو والعذوبة والفرح، أبها كاللوحة الجميلة، والتحفة الملونة، والبلورة النادرة، قد كبرت وازدانت وانتشت واتسعت، وخاتلت العلو والبهاء والتمدد، ولاحت في سمائها المنجزات. واستحقت مدينة أبها أن تتوج بلقب عاصمة السياحة العربية لعام 2017م، بالجهود التي يبذلها القائمون على شؤون منطقة عسير، وعلى رأسهم صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن خالد بن عبدالعزيز أمير منطقة عسير، الذي أكـد في تصريحات سابقة له أن فوز مدينة أبها بلقب عاصمة السياحة العربية، جعل المسؤولية مضاعفة لعمل وجهد أكبر لإظهار أحقية المدينة الحالمة والرائعة بهذا اللقب وبأهلها الطيبين. ودعا إلى العمل بجهد مضاعف، لكي تظهر أبها بمظهرها اللائق كعادتها، وتثبت استحقاقها بأن تكون عاصمة للسياحة العربية، مشيراً إلى ضرورة مضاعفة الاهتمام بالمهرجانات والفعاليات، بوصفها عنصراً مهماً من عناصر تنمية السياحة في المملكة، وتسهم في زيادة الجذب السياحي للفعاليات المقامة فيها، كما أنها تؤدي دوراً رائداً في تكوين الوجهات السياحية من خلال لفت الانتباه والاهتمام بزيارتها كوجهة سياحية، إضافة إلى أنها تمثل عنصراً من عناصر التنمية الاقتصادية التي تحققها السياحة من خلال توفير الفرص الوظيفية لأبناء المنطقة، والإسهام في زيادة الطلب على المنتجات والخدمات المتعددة، إلى جانب استقطاب المستثمرين في القطاع السياحي، الذي يعد إحدى ركائز رؤية المملكة ٢٠٣٠. واستطاع الإنسان في عسير أن يواكب عصر التنمية والتطور الذي شهدته المملكة في العقود الماضية، وصولاً إلى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ـ حفظه الله ـ ، ليحولها إلى مدن متناثرة وقناديل مضاءة تتلألأ كالدرر في مختلف الاتجاهات، وعلى الطرقات التي تشق جبالها وهضابها، لتصبح مدينة حضارية يشار لها بالبنان كباقي مدن المملكة المترامية، وتحتل مكانة اقتصادية واجتماعية، ينعم فيها المواطن والزائر بالأمن والاستقرار في ظل التحديات التي تواجه العالم بأسره.