من حق اي جهة سياسية او اجتماعية تخوض الانتخابات ان تُمارس التكتيك الذي تعتقد انه يخدمها، لكن لانها جهات تُمارس العمل العام فان من الطبيعي ان تكون ادارة اي جهة لعملها السياسي تحت النظر والمتابعة من الجمهور وبخاصة اذا كان في هذه الإدارة خطوات يعتقد أصحابها انها ذكية وهي ليست كذلك بل ربما لا تكون اكثر من خطوات عادية. جماعة الاخوان المسلمين غير المرخصة ومن خلال حزب جبهة العمل الاسلامي أعلنت عن كتلها الانتخابية التي ستخوض بها الانتخابات النيابية، ولعل اعلان هذه الكتل كشف عن الملاحظات التالية: ١- رغم حرص الجماعة منذ أسابيع على تسويق كتلها بأنها ستكون ضخمة وقوية وتعبر عن تحالف قوي وكبير مع غير الاخوان الا ان مجرد الإعلان كشف عن ثغرة كبيرة في حضور الاخوان الانتخابي وهو الغياب عن خمس محافظات من محافظات المملكه اي اكثر من ٤٥٪ من محافظات المملكه. فالجماعة لم ترشح احدا لا من عنصرها ولا تبنت اي كتلة من اي طرف في محافظات مادبا، الكرك، الطفيلة، معان، وعجلون . هذا الغياب ليس زهدا او مقاطعة بل من الواضح انه عجز عن الترشح او خلافات داخل الجماعة على تشكيل كتل في بعضها، وبعض هذه المحافظات فقدت فيها الجماعة رموزها نتيجه الانشقاقات الاخيرة، اي ان الجماعة ليس لها اي مرشح في خمس محافظات من أصل ١٢ محافظة، اضافة الى غيابها الدائم عن مناطق البادية الثلاث . ٢- ان تاريخ الجماعة الانتخابي يشير دائما الى انها لا تمنح أصواتها الا لأعضائها، وفي اخر موسم انتخابات عام ٢٠٠٧،كانت بعض المحافظات تعاني من عزوف بعض أعضاء الجماعة عن التصويت لمرشح لأسباب تتعلق بأصوله الجغرافية، وهذا الامر تعلمه قيادة الجماعة جيدا . ولهذا فان مايسمى التحالف مع الآخرين مهما كانت دوافعه من غير أعضاء الجماعة الا انه بالنسبه للجماعة لايعني انها ستمنحهم أصواتا ،ونتذكر في مواسم انتخابات سابقة حين كان الحديث عن تحالفات كان البعض يلجأ للفتوى بتحريم إعطاء الصوت لحمله اي فكر غير إسلامي فكيف الحال مع غير المسلمين او غير اتباع التيار الاسلامي. لن نستبق الامور لكن كل حلفاء الاخوان يمكنهم بعد ظهور النتيجة ان يعلموا كم جاءهم من أصوات الاخوان . بل ان المتابعين لأمور الاخوان يعلمون انهم اليوم وفي بعض المحافظات يعيشون صراعا داخل الكتلة الواحدة لان كل شخص منهم يريد الفوز ولانهم يعلمون صعوبة ان تحصل اي كتلة على اكثر من مقعد عربي مسلم. ٣- ان حالة الازدحام التي تشهدها بعض الدوائر الانتخابية من كتل الاخوان تشير الى ان من يدير المعركة من قيادة الجماعة يعمل لانجاح أشخاص بعينهم وان مل ما تبقى من حشوات من أعضاء الجماعة او خارجها فقط لخدمه قيادات تيار بعينه، فمثلا في الدائرة الاولى في عمان هنالك ١٢ مرشحاً في كتل الجماعة موزعين على كتلتين، علما بان في هذه الدائره شخصيات غير إخوانية ذات ثقل وحضور ،فكيف ترشح الجماعه ١٢ مرشحا في دائرة واحدة وكم تأمل ان تحصل على مقاعد !!، لكن الحقيقة ان الجماعة تطمع بمقعد لشخص معين اما الآخرون فهم حشوات من الجماعة او خارجها . وكذلك الحال في الدائرة الثانية حيث للجماعة ثلاث كتل فيها عشرون مرشحا ليس منهم شركسي او مسيحي فمن هو الذي تريده الجماعة ان ينجح وترى في الآخرين من مرشحيها كومبارس له . والامر مكرر في اربد الاولى حيث للجماعة كتلتان بأحد عشر مرشحا وفي خامسة عمان كتلتان و١٥ مرشحا ... لعل ما يجري اليوم ليس غريبا على العقلية التي تدير الجماعة والتي اوصلتها خلال السنوات الخمس الاخيرة الى ما تعيشه اليوم لكن الضحايا سيكونون أعضاء الجماعة والمتحالفين معها الذين يأملون ان يصبحوا نوابا، بينما هذا التكتيك الانتخابي يريد القول ان الجماعة موجودة ولها تحالفات، والاهم داخليا ان قيادة الجماعة تريد ان تخدم قيادات تيار معين وتوصلهم لمجلس النواب اما وقود المعركة فهم بقية أعضاء الكتل من أعضاء التنظيم او الحلفاء، وسيكون موقف الجماعة بعد خروج النتيجة اتهام الدولة بالتدخل رغم انها تعلم ان ادارتها للعملية الانتخابية سياسيا وفنيا لن توصلها الا لفوز ١٠ مرشحين وربما يزيدون مرشحا او ينقصون آخر ، وقيادة الجماعة تعلم هذا وتعلم ان الزحام الذي أوجدته في كتلها له غايات لا علاقه لها بعدد المتوقع فوزهم. من يدير الانتخابات بهذه الطريقة لن يحصل في نهاية الامر الا على عشرة مقاعد، لان الساحة فيها قوى اجتماعية وسياسية وشخصيات قادرة على الفوز وليست حكرا على الجماعة غير المرخصة.