د. خيرية السقاف «عمران» فكل سوريا «عمران» وتتمادى المهزلة .. وتضحك الدموع, والآلام , .. ويبكي الضحك, وتقهقه الحسرات ..! «سوريا» القصة المدهشة حدَّ الجنون في عنفوانه ..! المحزنة حدَّ الاكتئاب في حدَّته ..! المغضِبة حدَّ التمزُّق, واللّوثة, والصرعة في أقاصيها..!! «سوريا» لم تَعُد تحضر قبلَ علامات الاستفهام بكل أشكالها.. ولا بعدَ إشارات التعجُّب بأقصى انفعالاتها .. ولا مع مشاعر الحنق بانفلات بكراتها..!! هي الحاضرة المتسيِّدة كل الحالات, والانفعالات, والحركات, والعلامات, والإشارات..!! «سوريا» الغرابة في دهشة, وظاهر, وكمون, وعبارة, وسكوت, وكلام كل من يتنفس..! وهي ليست «عمران» الذي يتباكى عليه الإعلام الغربي وحده, .. ولا نداءات التوسل, والاستجداء التي يُزخرفونها في نبرات أحزانهم المصطنعة.., «سوريا» هي «لطبخة» فادحة الثمن, مكلفة الزمن, مرهقة الوعي, مدمرة البياض في عروق مَن موَّن, ومن أعدَّ, ومن شارك, ومن بهَّر, ومن طبخ, ومن تذوَّق, ومن أكل, ومن شمَّ, ومن سمع, ومن رأى مشهد الوليمة, وساحات السقوط.., «سوريا» قصة واقع مذهل , وخفايا سعير, وتبلُّد ضمير بل موته.. «سوريا» ليست «عمران» البريء المذهول الصامت , الذي لن ينطق, ولن يتعرف الحياة, ولن يألف البشر, ولن يكن معافى حتى يموت.. هي كلها من ألف حدودها, ليائها «عمران» .. وحين يشاء الإعلام الغربي أن يصنع أيقونة لأهدافه ينتقي, و«عمران» ابن الخامسة هو الأيقونة المنتقاة..! وإلاّ فكل سوريا «عمران» الحقيقة الناطقة وإنْ أبكمته المهزلة فإنّ صمته ينطق, بل يصرخ, بل يدوي لكل مسام الأرض, ومن فوقها, .. وتنطق روحه, وتنطق جروحه, وينطق فقده, وتنطق أنقاض بيته, وتنطق جثث أهله, وتنطق مأساة قومه, .. في ذات الوقت تنطق الآثام مع كل شهقة وزفير, ودعسة, وغفوة, وقطرة ماء, ورشّة عطر, وربطة عنق.. آثام من كتب, يكتب المهزلة, ويحرك خيوطها..!! لكِ الله يا «سوريا».. لكِ الله الواحد الباقي, إذ «ليس لها من دون الله كاشفة» وحده تعالى الذي لا «يجليها لوقتها إلاّ هو» .. فلكل أجل كتاب .. وإنه لآتٍ آتٍ يا «سوريا» ..!