ربما قد يستغرب البعض من أن نقول عن العاصمة دمشق إنها اليوم باتت العاصمة الأكثر أمناً في العالم، وربما البعض الآخر يعتقد أننا نقول ذلك مازحين أو أصابنا الجنون، والعالم أجمع يعلم أن هنالك حرباً دموية في عموم سوريا، لكن الحقيقة والواقع هما فعلاً أن العاصمة السورية دمشق باتت الأكثر أمناً في العالم. ولو قام متخصصون بمجال البحث عن أكثر مدن العالم أمناً واستقراراً، لوضعت العاصمة دمشق بينها، والسبب أننا نرى عدة عواصم أوروبية وعالمية قد تعرضت بين الحين والآخر لهزات أمنية كبيرة وبعض من العمليات الإرهابية رافقها ضحايا مدنيون أبرياء، كما حدث في العاصمة باريس والعاصمة التركية أنقرة. أما إن نظرنا إلى العاصمة دمشق فنراها اليوم هادئة مستقرة آمنة، وذلك بفضل جيش الإسلام وباقي الفصائل المعارضة التي تحارب في كل مناطق سوريا إلا مكان وجود رأس الأفعى المجرم بشار الأسد. جميعنا يعلم أن الحرب السورية استمرت إلى الآن لأكثر من 5 سنوات، وربما قد نرى 5 سنوات أخرى، والسبب هو إما صراع الفصائل فيما بينها وهو ما حدث سابقاً بين جيش الإسلام وفيلق الرحمن والفسطاط، أو بقاء صراع الثوار على مناطق بعيدة كل البعد عن العاصمة التي تحتضن الجزء الأكبر من الشبيحة والمجرمين والميليشيات الشيعية التي تحارب مع نظام الأسد. سابقاً كان الجميع يهاجم قائد جيش الإسلام الشهيد زهران علوش، وأنا كنت واحداً منهم؛ لأنه قام بعرض عسكري لافت وقوي في غوطة دمشق، ورأى الجميع جهوزية هذا الفصيل وقوته من عدة وعتاد وثوار بواسل مجهزين ومدربين أفضل تدريب، والجميع ظن أنه بعد هذا العرض العسكري الضخم هناك نية لدخول العاصمة دمشق، أو على الأقل العمل على تهديد عرش الأسد فيها، وضرب مناطقه الأمنية للضغط عليه ولفك الحصار عن ثوار آخرين موجودين في مناطق أخرى من عموم سوريا، لكن للأسف وقتها قد تفاجأ الجميع بأن العرض كان فقط للمشاهدة، ولم يكن هنالك أي تنفيذ فعلي على الأرض، سوى الدفاع عن المناطق التي سيطر عليها وقتها جيش الإسلام من نظام الأسد. واليوم علينا أن نتوجه بالسؤال للقائد الجديد لجيش الإسلام عصام البويضاني، الشهير بـ"أبو همام": هل ستبقون عاجزين عن التحرك ضد الأسد في العاصمة دمشق منتظرين الأوامر الخارجية، وهل ستبقون موقع المشاهد على مجازر الأسد في عموم سوريا وبالأخص في مناطق حلب وريفها؟ وهل ستبقون موقع المدافع عن مناطق سيطرتم عليها منذ سنوات دون أن تفكروا جدياً بالتقدم للسيطرة على مناطق أخرى؟ فهل نترحم على أيام قصفكم وتهديدكم لمناطق الأسد الأمنية في دمشق؟ ألا تذكرون كيف كنتم ترهبون شبيحة الأسد ببضعة صواريخ عندما توجهونها لقلب العاصمة؟ فبينما جيش الفتح يتهيأ للسيطرة على كامل مدينة حلب ما زال جيش الإسلام يطلق معارك وهمية أو أنها لا تشكل أي تطور لافت للثورة، فإلى متى هذا التخاذل والانسحاب وعدم الوقوف صفاً واحداً مع ما يتعرض له إخوانكم في حلب وريفها ألا تقفون على الأقل مع الأقرب منكم وتساندونهم كداريا التي سطر أبطالها العجب بتصديهم لدبابات الأسد وشبيحته وميليشياته. فبالنسبة للمعركة النوعية التي أطلقها مؤخراً تنظيم جيش الإسلام في الغوطة باسم (ذات الرقاع) فهي كباقي المعارك التي يعتمدها التنظيم لإضاعة الوقت دون دخوله دمشق أو دك مراكزها الأمنية بالقذائف، ولكي يتجنب ردود فعل الشعب السوري الحر على بقاء جيش الإسلام موقف المتفرج في الغوطة والعاصمة، عكس ما يقدمه جيش الفتح وباقي فصائل الثوار في حلب من انتصارات عظيمة. إذاً على جيش الإسلام أن يستفيق من جديد ويعود أقوى مما سبق، وأن يطلق معارك حقيقية تغير موازين القوى فعلياً على الأرض، وأن يحرز التقدم في كل جبهات الغوطة من جديد ويتقدم نحو العاصمة دمشق دون تردد، فأنتم الفصيل الأقوى في الثورة السورية، وأكثرها عدة وعتاداً، والثوار لديكم أكثر من أي فصيل آخر، وإن نويتم أن تفعلوها ستنتصرون وتنهون معاناة شعب مستمرة لأكثر من 5 سنوات، فالفصل والحكم في دمشق، وأنتم الأقرب لها، والأمر الآن بيدكم، فإما أن تقصفوا العاصمة وتتقدموا باتجاهها، وإما أن تبقوا هكذا متخاذلين أمام من اعتبروكم يوماً ما سنداً لهم ومناصراً ضد الأسد وحلفائه. ملحوظة: التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.