هل التعاطف مع "داعش" أو الحشد الشعبي أو الحوثي ـــ على سبيل المثال لا الحصر ــ حالة طبيعية؟ الحقيقة أن السؤال، يستتبعه جملة من الأمور التي تتعلق بالحالة التي وصلت إليها العقلية لدى بعض الأطياف المنتمية للسنة والشيعة. وينطبق ذلك على حالة الفرح بالمصائب التي تقع على الخصم، ولكل طيف خصمه الخاص. والكل يبكي على ليلاه، وسط واقع متطرف يفضي إلى أحداث ووقائع متطرفة. لقد كان الكسر الذي شهده العراق، بعد سقوط النظام، وهدم الجيش، وتمكين فئة واحدة من التحكم في مصير العراق، واستحواذ إيران على البلد كفريسة سهلة، والفرجة التي مارسها العرب على هذا الاغتصاب، هي المقدمة التي أفضت إلى تشكيل النواة الأولى للتطرف، والظلم الصارخ الذي تم استغلاله وأفضى إلى دخول "القاعدة" إلى العراق ثم انفصال "داعش" عن القاعدة. السيناريو نفسه كاد يتكرر في اليمن، وتم التصدي لإيران والحوثي من خلال عاصفة الحزم، وقبلها تم التصدي لها في البحرين من خلال قوات درع الجزيرة. وكان للمملكة شهداؤها في البلدين. إيران كانت ولا تزال القاسم المشترك في كل مشكلات العالم العربي، ولا ننسى هنا الواقع السوري المتفاقم. لقد وجد التطرف والمتطرفون في فوضى العالم العربي، فرصة سانحة لممارسة التغول والتوحش. النتيجة أنهم لا يزالون يواصلون التصفيق لفرية الربيع العربي. إن الوقفة في وجه التطرف من قبل بعض السنة والشيعة مسألة حتمية. ولا شك أن للعقلاء دورا مهما من أجل رأب الصدع، فالسياسة في مجملها تصوغ خياراتها وفقا للممكن والمتاح، ومحاولة الاستحواذ الكامل على كل شيء، مسألة لا تفضي إلى تحقيق أي تفاهم. إن العالم العربي، ينوء بآلامه وحروبه وفوضاه، وخياراته تتمثل في السلم والأمن. لقد كانت المملكة ولا تزال تبذل كل جهد من أجل تحقيق الاستقرار في سورية واليمن، وجهودها في دعم الدول العربية لا ينكرها أحد. لكن المؤكد أن المسؤولية الكبرى تقع على أصحاب الشأن في اليمن وكذلك في سورية؛ فهم عليهم أن يدركوا أن لغة الحوار والتفاوض هي التي تصوغ المستقبل. لقد أعلنت المملكة إطلاق عملية إعادة الأمل في اليمن، لكن العملية تحتاج إلى بيئة مستقرة، وهذا يتحقق بالقبول بيمن واحد يستوعب كل الأطياف، وليس يمنا يستقوي فيه الحوثي والرئيس المخلوع.