محمد شاهد نذير.. باكستاني مغترب في بريطانيا، جاء من قرية نائية فقيرة اسمها باتوكي، وظل طوال فترة غربته محصورًا في زاوية سوق عام، يبيع السمك بطريقة غنائية ملفتة لا أكثر.. أعد كلماتها البسيطة ولحنها بنفسه طلبًا في لفت انتباه الزبائن، وتحقيق غاية البيع المترنمة بسعادة. مرت صباحات كثيرة على عامل السمك.. الجميع اعتاد سماع صوته المفتوح على امتداد المكان.. وهو يغني بطريقة عفوية: «وان باوند فيش» في يوم من الأيام صادف أن أخرج أحد الزبائن مستمتعا بالمشهد كاميرا الجوال وقام بتصويره بشكل مبتسم، ووضع المقطع في قناة اليوتيوب، بعد وقت قصير حصد هذا الفيديو أعلى نسبة مشاهدات في بريطانيا حيث جذب حوالي 7 ملايين مشاهد، الأمر الذي جعل شركة وورنر العملاقة تعقد صفقة لتسجيل أغنيته بقيمة مليوني جنيه إسترليني كما نقل في الأخبار التي تدافعت حول القصة.. ليصبح هذا البسيط ملء السمع والبصر والمال. ضربات الحظ وقفزات الحياة كثيرًا ما نقرأ عنها أو نشاهدها، وهي وإن كانت مختلفة في التفاصيل، إلا أن الانتقال من مرحلة الهامش إلى المتن هي لب الأحدوثة التي يتغير تبعا لها ذلك الإنسان وتتغير حياته. خطرت ببالي قصة بائع السمك وأنا أطالع في إحدى الصحف حديث صاحب أشهر هاشتاق سعودي تم تداوله في تويتر، بعنوان: متصدر لا تكلمني. شاب هادئ في سمته، اسمه طارق البطي، قاده عشق فريق الأرسنال الإنجليزي، أن يعمل هذا الهاشتاق فرحا للانتصارات المتتابعة، وقد خرج في وقت تزامن فيه ــ تقريبا ــ تصدر فريق النصر لدوري عبداللطيف جميل، الأمر الذي جعل الهاشتاق يدور في فلك واسع بين نوافذ الإعلام الجديد وزائريه، ليكون صاحب الهاشتاق فجأة في صدر الحدث والضوء واللقاءات. بلا شك.. هناك من يحاول أن يصنع شيئا ملفتا ويجتهد في ذلك، وهناك من يتعامل بعفوية دون أن يلقي بالا.. المفارقة أن الطريقة العفوية التي لا يظهر فيها أي تدبير وترو، غالبا ما تكون مركز جاذبية الحظ والشهرة.. والشواهد لازالت محط أنظار الفضاء المفتوح!