المواطن السعودي تعود في الثلاثين سنة الأخيرة وللأسف على نفش الريش وتغير في التعامل والأقوال والتصرفات، فبمجرد صدور قرار ترقيته أو تعيينه في منصب في قمة الهرم أو حتى في وسطه.. وبالنسبة لمن وقع عليهم الاختيار لشغل أحد المناصب العليا تكون أولى خطواته إذا كان من ذوي النفشة الكذابة .. الموافقة على البدء في تنفيذ برنامج الحاشية، والذي تكون بدايته عزل ذلك المسؤول عن الآخرين، وإحاطته بهالات من الأضواء الخادعة له أولاً قبل المواطن .. مثل الانشغال بالاجتماعات والرد على الهواتف والسفريات المهمة والاستقبال والتوديع .. الغريب أن بعض هؤلاء وبمجرد ابتعاده عن الكرسي يكتشف أنه أصبح منبوذاً من قبل المواطن الذي حاول ذلك المسؤول عزل نفسه عنه .. بعد مرور فترة زمنية على صدور الأمر السامي بتعييني عضواً في مجلس الشورى في الدورة الخامسة خطر على بالي وبحكم عضويتي في المجلس التواصل مع بعض المسؤولين في الدولة من المدنيين، وفي مقدمتهم بعض الأمراء وبعض القيادات العليا من العسكريين، بعثت بخطابات شخصية لمن حددتهم .. ووصلني موافقة 99 % منهم على اللقاء، وعلم الله أنني لم أبحث مع أي منهم في أمر يخصني وكل من قابلته يعرف ذلك .. وجميعهم مازالوا أحياء - متعهم الله بالصحة والعافية والعمر المديد - ومعظمهم أيضاً مازالوا في مواقعهم أو ربما تحركوا يميناً أو شمالاً، ومازال التواصل بيني وبينهم، ومنهم من غمرني بالفضل بزياراته لي في مستشفى الملك فيصل التخصصي بالرياض عندما أجريت لي عملية زراعة كلية، أو اتصل أو بعث بباقة من الورود ومعها بطاقة دعاء بالشفاء. والمبهج أن تعامل هؤلاء معي هو نفس التعامل أو أفضل منه مع الجميع، وهذا هو المكسب الحقيقي الذي سيبقى ويحتفظ به الناس لهم.. نعود إلى الشق الثاني، وهم بعض مسؤولي القطاع الخاص من بنوك وشركات ومؤسسات وما في حكمها .. والمسؤول هنا مثل الغراب الذي تاه وهو يقلد مشية الحمامة .. فهو لا يحظى بأي ألقاب أو (برستيج) مثل مسؤولي القطاع العام .. وحتى يضع نفسه في المكانة التي ترضي مركبات النقص لديه.. فإنه يلجأ إلى ذات الأسلوب الذي يستخدمه ذلك المسؤول في القطاع الحكومي – ولكن مثل هذا الأسلوب فضفاض وواسع ولا يتناسب مع صغر حجمه .. ولهؤلاء وأولئك نقول (المحترم يفرض عليك احترامه – والريش ما كبر علوم النعامة).