حدثتني بانفعال من هول صدمتها، مرة تلعنه وتشتمه، ومرة تُلقي باللوم على ذاتها مؤنبة نفسها، تسكت برهة لتعود مرة أخرى لتعطي لنفسها العذر الذي دفعها للاستسلام والجري وراء عاطفتها. لا ألومها حقيقة، خصوصاً أنها تتمنى أن تكون لها أسرة كأي فتاة في الثلاثينيات من عمرها، وهو كما روت لي عنه يحمل من الصفات التي تتمناها أي فتاة، مثقف، هادئ، وسيم، ومن عائلة محترمة. وحتى لا يقول قائل وأين المشكلة في كل ذلك أقول: إن شاكلة هذا الرجل كُثر، يتلبسون بلبوس الشاب الأعزب، الهادئ الرزين الذي يبحث عن زوجة يستقر باقي العمر معها، فيرمي بشباكه على فريسته بإتقان وترو، بعد أن يجمع ما يكفيه عنها من معلومات، لا يتعب، ولا يكل، ولا يمل من المحاولة إن ما كانت صعبة المنال، فمثله لا يخاف من حد سيف الوقت، فهدفه اللعب والتسلية، أما أمر الزواج، وتكوين أسرة وعائلة فذلك أمر قد انتهى منه سلفاً، باعتباره رجلا متزوج وأبا لأبناء! هو "يتجمل" ويكذب، في سبيل كسب ود الفتاة، يلعب على مشاعرها، ويدغدغ عواطفها، حتى تصل "هي" إلى مرحلة التعلق به أو حتى الهيام فيه، حينها إما أن يتركها ليبدأ في قصة جديدة مع فتاة أخرى، بعد أن اكتفى منها، وإما أن يصدمها بواقعه الاجتماعي الحقيقي كونه متزوجا وأبا لأبناء، ليجعلها أمام الأمر الواقع، إما ليتخلص منها وللأبد، أو للرضوخ لأن تكون زوجة ثانية وإن كانت غير مؤيدة لمسألة تعدد الزوجات. غريب أمر هؤلاء الرجال ممن ينصبون تلك المصائد للفتيات، هل يتوقعون منهن أن يقبلن بهم كأزواج وهم من بدأ حياتهم بكذبة وخداع! هذا إن كان هدفهم الزواج كما يدعون طبعاً - وإن كان كذلك، لما لم يكونوا واضحين مع الفتيات منذ البداية، بأنهم متزوجون وينوون الزواج من أخرى، ليكون للفتاة حينها الخيار على الأقل، إما الرفض، وإما القبول بالزواج من رجل متزوج وله أبناء، لا أن يتركوا الفتيات ليرسمن أحلاماً وردية وقصوراً من الرمال، ويعرفون تماماً إنها ستتهدم مع أول موجة صدق يبدؤونها معهن. هذا إن ما هو اعترف لها وجاء لها مكاشفاً طبعاً، والطامة إن ما اكتشفت هي كل ذلك صدفة، أو وصلتها المعلومات على طبق من ذهب ممن يعرفونه ويعرفونها، في موقف كهذا لا أعتقد أنها ستحسد عليه، خصوصاً مع تحطيم الذات كما حصل مع أختنا السابقة، ولومها وجلدها لنفسها عشرات المرات، ولعن الظروف، وعمرها المتقدم في الزواج نوعاً ما، والذي يعتبرها فيه أغلب الخليجيين بأنها عانس وعليها أن تحمد ربها وتشكره إن ما قبل بها أحدهم وإن كان متزوجاً وله من الأولاد عشرة! المسألة ترجع وتعود إلى الأخلاق مهما بحثنا عن الأسباب الدافعة إلى كل ذلك، ولكن وليتذكر كل من تسول له نفسه لمثل هذه المتعة المؤقتة، بأن كل ما تفعله سيعود عليك، أفعل خيراً ستجده، وأفعل شراً ستلاقيه، وأنه كما تدين تدان، وليتذكر أن له بناتاً وأخوات قد يكن يوماً تلك الفتيات الواقعات في مصائد الرجال المتزوجين.. فتذكروا ذلك جيداً.