أكد وزير الخارجية المصري سامح شكري، أن «هناك اهتماماً دوليًّا وإقليميًّا بالوضع في لبنان،. وقال: «نحن على ثقة بأن هذه الأزمة وهذا الفراغ سيحلان بمسؤولية لمسناها لدى كل الأطراف». وكان شكري الذي اختتم زيارته الى بيروت مساء أمس التقى رئيس «تكتل التغيير والإصلاح» النيابي العماد ميشال عون في الرابية، يرافقه السفير المصري لدى لبنان محمد بدر الدين زايد، وأشار إلى أن «اجتماعه مع عون هو في إطار تواصلنا مع الرموز السياسية في لبنان للاطلاع على آخر التطورات في الاستحقاق الرئاسي والأزمة السياسية والدور الذي قد تؤديه مصر في إطار معاونة الأشقاء في إدارة هذا المشهد للوصول إلى بر الأمان في ظل التوافق والاتفاق الذي يؤدي إلى حماية استقرار لبنان وأمنه في ظروف إقليمية بالغة الخطورة وضغوط وتحديات إقليمية». وقال: «استمعت إلى وجهة نظره وأكدنا أهمية استمرار التواصل الوثيق في ما بيننا وأيضاً طرح الأفكار التي قد تحلحل بعض المواقف وأهمية أن نسير قدماً لتحقيق الاستقرار والخروج من المعادلة الراهنة». ولفت إلى أن «لمصر اهتماماً بالغاً في الشأن اللبناني بحكم التواصل خصوصاً مع كل ما نشهده في سورية واليمن والعراق وليبيا من أهمية العمل على تعزيز الدولة المركزية ومؤسساتها لتستطيع مقاومة الإرهاب وتحقيق لاستقرار للشعوب في جو من الأمان والأمن». وإذ أشار إلى «أننا نتحدث مع كل الرموز ونتلقى أفكارهم، ولنا أيضا رؤية نطرحها عليهم ونستقطب ردود أفعالهم»، قال: «من المبكر أن نخوض في التفاصيل، وهذه الزيارة خطوة أولى وسيتبعها مزيد من التواصل»، مؤكداً أن «اللقاءات اتسمت بالكثير من القدرة على التفاعل بأن هناك عناصر توافق عديدة وتفهماً للمرحلة التي وصلنا إليها، وهذا مبشر إيجابي يفرض تكثيف الجهد للوصول إلى ما نصبو إليه». وزار شكري بعد ذلك رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع الذي لفت إلى أن «مصر لعبت في كل المراحل منذ استقلال لبنان حتى الآن أدواراً إيجابية في كل ما له مصلحة للبنان»، آملاً في «أن تستعيد دورها الإقليمي، وبالأخص دورها في ما يتعلق بمساعدة لبنان انطلاقاً من وضع المنطقة الصعب، فكلنا نفتقد هذا الدور في ظل الأزمات المستعرة في منطقة الشرق الأوسط التي تمر بأيام صعبة». أما شكري، فأشار إلى «أننا نتطلع لأن يكون لنا إسهام وفقاً لرؤية جامعة والتوافق الذي تتم صياغته بين الأطراف السياسية اللبنانية ليبقى لبنان عنصراً فاعلاً في إطار الأمن القومي العربي والهوية العربية وفي إطار العلاقة الخاصة التي تربط مصر بلبنان». وعن نجاحه في تقريب وجهات النظر حول المرشح الأفضل للرئاسة، قال: «نحن نتطلع للتواصل والاستماع إلى كل الرؤى الهادفة إلى تأمين المصلحة اللبنانية، وسنبذل كل جهد للعمل على تقريب وجهات النظر لإنهاء هذه الأزمة». كما زار شكري بيت الوسط، حيث عقد اجتماع ضمه ورئيس كتلة «المستقبل» النيابية فؤاد السنيورة، في حضور الوزير نبيل دو فريج والنواب: سمير الجسر، محمد قباني، أحمد فتفت، أمين وهبة، ومدير مكتب الرئيس سعد الحريري، نادر الحريري ومستشار السنيورة رضوان السيد. وجرى خلال الاجتماع، عرض وجهات النظر وتبادل الآراء حول الأزمة السياسية في لبنان وكيفية تخطيها. واستكمل البحث إلى مائدة غداء أقيمت تكريماً لشكري والوفد المرافق. والتقى الوزير المصري عصراً رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل. وفي لقاء مع عدد من الصحافيين بعد الظهر قال شكري إنه لمس مؤشرات في اللقاء الجامع الذي حصل أول من أمس على العشاء في دار السفارة، أي الاهتمام بأن يكون لمصر دور في السعي الى الحل في لبنان. وأضاف: «اللقاء الجامع واللقاءات الفردية أظهرت أن هناك إمكاناً لأرضية تفاهم. هناك طروحات سمعناها ولدينا رؤية وأفكار طرحناها وسنبقى على تواصل». وشدد على أن الحل لبناني بالوصول إلى نقطة توازن بين الفرقاء تؤدي إذا توفرت إرادة لبنانية إلى توافق على الحلحلة، بالتنازلات والضمانات، وألا تسود وجهة نظر طرف معين بل أن يكون هناك قبول من كل الأطراف، بأن يتنازل هذا أو ذاك وأن يكون هناك ضامن للحل. وامتنع شكري عن الكشف عن الرؤية التي لديه. ورداً على سؤال حول أسباب عدم لقائه أي مسؤول من «حزب الله» وكذلك رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، أنه كانت هناك دعوة موجهة الى أحد وزراء «حزب الله» من ضمن السعي إلى التواصل مع الأطراف السياسية الرسمية لكن لظروف وربما لضيق الوقت لم يتحقق اللقاء، وأشار الى أنه كان يمكن أن يحصل لقاء شخصي مع الوزير (لو حضر)، وهذا كان مقرراً. وعما إذا كانت مصر ستجري اتصالات مع أطراف معنية بلبنان مثل المملكة العربية السعودية وإيران، أجاب شكري: «هناك اهتمام دولي بالشأن اللبناني وهناك حوارات مع القوى الدولية والإقليمية المؤثرة ولا بد من أن يكون لبنان موضوع تشاور، وتكثيف التشاور سيكون مفيداً في المرحلة المقبلة». وعن الضوء الأخضر الإقليمي والدولي للحل في لبنان، اعتبر أن الأطراف السياسية اللبنانية هي التي تجعل موضوع انتخابات الرئاسة في لبنان أولوية والدعم الذي يوفره الموقف الدولي والإقليمي، يعمل على ترسيخ التوافق اللبناني، مكرراً التأكيد أن «دورنا مُيسِّر، وان لا مبادرة مصرية بل أفكار نأمل بأن تؤدي إلى ما نصبو إليه». وعن إمكان فصل الحل الرئاسي في لبنان عن أزمة المنطقة ولا سيما سورية، قال: «لا بد أن نراعي ان هناك مصلحة لبنانية أصيلة ولا نغفل التأثير الخارجي لكن لبنان حافظ على وضعه الأمني واستقراره الى حد حماه من كثير من السلبيات. المؤثرات ضروري التحسب لها كي لا نجعلها مقيدة لحركتنا». وأوضح أن متغيرات كثيرة حصلت منذ اتفاق الدوحة (عام 2008) الذي كان لمصر دور فيه والذي أفضى الى انتخاب الرئيس ميشال سليمان للرئاسة، وأشار الى أوضاع مصر الداخلية بعد ثورة 25 يناير «ولا يمكن أن نقيس فترة على أخرى». ودور مصر مبني على أهمية الحفاظ على الأمن القومي العربي. وعن العلاقة بين مصر وكل من تركيا وإيران قال: «نأمل بأن تكون جيدة مع كل الدول. ومصر لا تبادر أبداً بالسوء وتبدي الكثير من الصبر والتأني وتتطلع الى أن يدرك الآخرون أنه لا يمكن تجاوز مصر». وكان شكري أولم مساء أول من أمس على شرف شخصيات سياسية ممثلة لأطراف لبنانية متعددة في مقر السفارة المصرية. وحضر العشاء الرؤساء ميشال سليمان وأمين الجميل وفؤاد السنيورة وميشال عون وجعجع ورئيس التيار «الوطني الحر» جبران باسيل والوزيران علي حسن خليل وروني عريجي، وغاب عن العشاء أي ممثل لـ «حزب الله». وشدد سليمان بعد لقائه شكري على ضرورة «إثبات أهليتنا الدستورية كلبنانيين ليستطيع الخارج مساعدتنا كما يجب، وعلينا التأكيد كلبنانيين ان الدستور اللبناني هو ملاذنا الآمن ومرجعنا الوحيد لتسهيل أعمال الدول الصديقة والحريصة على مساعدتنا». وثمّن «الدور المصري الحريص على تعزيز العلاقات مع كل الدول العربية، والمهتم بالشأن اللبناني وخطورة الفراغ الرئاسي على المؤسسات الدستورية والانعكاسات السلبية الناتجة من كثافة النزوح السوري إلى لبنان».