×
محافظة المدينة المنورة

بلعوص: الهيئات تسخر كافة الإمكانات اللازمة خدمةً للحجاج والمعتمرين

صورة الخبر

في الزمن الذي تولَّى، زمنِ اللامعرفة، وتفشي الجهل وانعدام أسباب الخلاص من الأوبئة والأمراض والعلل والعاهات، كان بالإمكان القبول بأن تعتري الأمراضُ -الخفيفةُ منها والمزمنةُ- جسدَ الإنسانِ الذي لاحيلة بيده ليدفع بها خطر هذه الأمراض التي قد يُكتَب له البُرْءُ منها، وقد تُصبح ملازمة له. لكن مع الثورة العلمية -وخاصة في مجال العلوم الطبية- التي وصل فيها الطب إلى مراحل متقدمة من الإتقان في اكتشاف الأمراض، ومسبباتها وأعراضها، وأسباب الوقاية منها وطرائق علاجها، أصبح في حُكم الواجب على الإنسان أن يعمد إلى توخي الحذر وتتبُّع إرشادات ونصائح الأطباء حتى يسلم - بأمر الله- من الأمراض، وهذا ليس من منافاة القَدَر بل هو من الأخذ بالأسباب. بل إن الإنسان متى تيقَّن أن في مخالفته نصائح الأطباء وتحذيراتهم هلاكًا لنفسه وذريته، أو حصولاً لأمراض وعاهات مستديمة، ثم لم يعبأ بتلك النصائح والتحذيرات فإن ذلك من باب إلقاء النفس في التهلُكة، والله سبحانه وتعالى نهى عن ذلك بقوله: «ولا تُلْقُوا بأيديكم إلى التهلُكة». وكلنا يعلم أن وزارة العدل سنَّت قبل مدة بعضَ الأنظمة، وألزمت مأذونِي الأنكحة بتطبيقها وحثِّ العروسَين ووالدِيهم عليها؛ حفاظًا على صحة الأجيال القادمة من الأمراض التي أصبح في حكم الممكن - بعد مشيئة الله- تلافيها، ومن ذلك إلزام الزوجين قبل كتابة عقد النكاح بإحضار تحليلٍ صحيٍّ رسميٍّ من أحد المستشفيات الحكومية يشخِّص درجةَ حَمْلِهِما لمرض الأنيميا، ومتى ما وَجدت العلاقات العامة في مستشفيات فحص العريسَين أن العريسَين (كليهما) حاملان للمرض فتحيلهما للطبيب المختص ليقدم لهما النصيحة ويحذرهما من إتمام الزواج، وإن أصرَّا على المضيِّ فليس بيد الطبيب منعهما، بعد ذلك يأتي الدور على المأذون ليناصح العريس وولي أمر العروسة ويحذرهما من النتائج غير الجيدة على ذرية العريسين، وإن أصر الجميع - بعد التحذير- على إتمام العقد فليس أمام المأذون إلا أن يتمَّه. ولذا نتأمَّل من وزارة العدل أن تعيد النظر في نظامها فتُلزم مأذوني الأنكحة (بعدم إتمام عقد العريسَين) عندما يكونان (كلاهما) حاملَين لمرض الأنيميا، وهو الأمر الذي كان يُكتفي فيه بالمناصحَة والتحذير فقط، على أن تنتقل المناصحة والتحذير للعريس أو العروس إذا كان (أحدهما) حاملاً للمرض. إن من يدخل المستشفيات ويشاهد مرضى الأنيميا -وخاصة من الشباب- وهم يتألمون من أعراضها ويَئِنُّون الساعات الطوال وما يترتب على ذلك من إشغال لأَسرَّة المستشفيات ورعاية وأدوية، وإهدار لطاقات الشباب يدرك ضرورة المبادرة بالحد من هذا المرض باتباع طرائق الوقاية منه، ومن ذلك عدم إتمام عقد زواج العريسَين -إطلاقًا- متى كانا (كلاهما) يحملان المرض، مهما كانت مبرراتهما ومبررات والدِيهما التي تأتي (الأعراف البشرية) في مقدمتها وتكون الأجيالُ القادمةُ -التي هي عمادُ المستقبَل- ضحيتَها. Mashr-26@hotmail.com