من الغرابة أن يتفاجأ البعض، خصوصا من هم في مواقع المتابعة والتحليل من العرض بالمصالحة، الذي قدمه حسن نصر الله لتنظيم داعش في إطلالته الأخيرة بذكرى «حرب تموز». الذاكرة خانت كما يبدو الكثيرين، إذ تناسوا أن نصر الله نفسه عرض في العام 2012 على داعش وأخواتها اتفاقا، محذرا إياهم من الغرب الذي يستهدفهم كما يستهدف حزب الله كما قال. كما خانت الذاكرة الكثيرين كيف وقف نصر الله نفسه محذرا، في العام 2007 الحكومة اللبنانية من الهجوم على تنظيم فتح الإسلام الإرهابي في مخيم نهر البارد، إذ قال كلمته الشهرة «نهر البارد خط أحمر». لم يكن نصرالله شفافا في يوم من الأيام كما كان وظهر في خطابه الأخير، فالشفافية والصدق إن وجدا في الإطلالة الأخيرة لهما أسباب كثيرة، تبدأ من هزائم الميدان لحزبه وحلفائه في حلب، وصولا إلى التحول الروسي في الرؤية لخريطة الحلّ في الملف السوري. نصر الله بعرضه المصالحة على داعش يعود إلى المربع الذي لطالما انطلق منه أولياء أمره ونعمته في إيران، فالنظام الإيراني ومنذ نشأته مع قدوم الخميني من باريس إلى طهران قام على فكرة تصدير الثورة، والتي كانت بتوضيح للمصطلح «تصدير الإرهاب»، وذلك عبر التنظيمات الإرهابية المنتشرة على مساحة خريطة العالم الإسلامي، فكان التركيز بداية على القضية الفلسطينية، حتى تم بنجاح السطو على شعار محاربة إسرائيل، رغم كل التعاون الذي يربط إسرائيل وإيران في المجالين الأمني والعسكري وذلك شاهد كبير في فضيحة ايران غيت عام 1985 ثم تطور هذا الأمر مع لجوء قيادات من تنظيم القاعدة الإرهابي إلى طهران، إثر طردهم من أفغانستان عام 2012، إذ قدم لهم الملجأ والدعم المالي للتواصل مع خلايا التنظيم الإرهابي في كل العالم. نصر الله بعرضه المصالحة على داعش في خطابه الأخير هو في الحقيقة يعرض ما هو أكثر من المصالحة، فالمصالحة تجري بين طرفين متخاصمين وهذا ما ليس موجودا بين حزب الله وداعش في سورية، كما أثبتته الوقائع والمعارك في أكثر من جبهة موقع، بل هو يعرض الانتقال الى الخطة (ب) لمواجهة الخطة (ب) الموضوعة من قبل أصدقاء سورية، هو يعرض التحالف المعلن مع داعش، معلنا انتهاء التحالف المبطن. د