أحب أردوغان وأحب الحق، لكن حبي للحق أشد. وفي ضوء ذلك، سأفسح مساحة معتبرة لهواجس عديدة نابعة من التحركات التركية الأخيرة! وبادئ ذي بدء أقول: إن كل دولة بالتأكيد أدرى بمصالحها، وفي السياسة كل شيء جائز وجاهز للتغير في لحظة! كما أن أحدا لا يمكن أن يراهن على ما سوف يفعله غيره له، خاصة إذا كان هذا الشيء يختص بأرض أو بعرض! في خطوة التطبيع التركي مع إسرائيل، مرّ الأمر بهدوء قياسًا بما قدمته وتقدمه تركيا من مساعدات انسانية ومواقف نبيلة من غزة.. ومن ثمّ ابتلع المحبون لتركيا أردوغان عتابهم، آملين أن يكون للتطبيع ثمن! وفي خطوة التطبيع مع روسيا، مرّ الأمر كذلك أو قل هو يمرّ، قياسًا بما فعلته وتفعله تركيا من أجل سوريا، ومن ثمّ حبس المحبّون ويحبسون أنفاسهم، انتظارًا لثمرات هذا التطبيع الذي يأتي في وقت حرج! وفي خطوة التطبيع مع إيران، سيمرّ الأمر بهدوء حيث لا يملك المحبون وغيرهم أكثر أو أقل من ذلك، انتظارًا لنتائج هذا التطبيع في وقت أكثر حرجًا وخطورة! والحاصل أنّ المحبين لتركيا وأردوغان، أو قل لتركيا أردوغان، ما برحوا يفيقون أو يفرحون بفشل الانقلاب، ومن ثمّ فشل إجهاض التجربة الاسلامية الحديثة، حتى استيقظوا على عدة تطبيعات متواصلة وذات صلة بأحلام وأهداف مشروعة تختص بفلسطين من جهة، وبسوريا من جهة أخرى، وباليمن من جهة ثالثة وبالأمن العربي من كل الجهات! صحيح أن أردوغان لم يصرح يومًا بأنه صلاح الدين الذي سيحرّر القدس، وأنه الأمين الموعود للجامعة العربية، لكن الصحيح أيضًا أنه وضع نفسه، أو قل، ترك الآخرين يضعونه بشكل أو بآخر في صورة القائد المسلم المناصر للحق العربي والإسلامي على طول الطريق! ورغم أننا كـ»عرب « معنيّون بكل ما جرى من تحولات أو بوصلات تركية جديدة، فإن الأمر يبدو وكأنه حتى الآن لا يعنينا. وفي المقابل فان التحركات التركية الأخيرة باتت شغلا شاغلا للاتحاد الأوروبي من جهة، ولحلف «الناتو» من جهة ثانية! بقي أن أقول: إنّ المشكلة ليست في أردوغان، ولا في تطوحات أو بوصلات أردوغان بقدر ماهي في البوصلات العربية الآخذة في التحول المريب، حتى أصيب بعضها بالحول!. sherif.kandil@al-madina.com