غيبت إرادة رب العزة والجلال أمس الأول، رجل الأعمال "الغالي" الشيخ محمد بن علي العبد اللطيف، مالك ومؤسس شركة الغزالي الشهيرة، بالوفاة الطبيعية "ولله الحمد على كل حال"، عن عمر ناهز 90 عاماً، قضاها في أبهى صور العصامية النزيهة السامية في شتى مناحي الحياة، ومن كافة أوجهها الأُسرية، الاجتماعية، الإنسانية، الخيرية، الوطنية، والتجارية. محمد العلي العبد اللطيف "رحمة الله عليه ووالديه"، نشأ بعد قدومه للرياض محيطاً نفسه بأصدقاء وأقارب من ذات طينته، غاية في النزاهه والعمل الصالح المخلص لله ثم للوطن. وبدأ كفاحه العصامي "يتيما" مطلع عقده الثاني من العمر في عهد المؤسس الملك عبد العزيز "طيب الله ثراه"، وكون نفسه "ككبار تجار نجد الأنجح والأشهر" من الصفر، كبائع ساعات صغير ووحيد، وعندما أنعم الله عليه بالثراء، لم تتغير أي من صفاته الأساسية، بل ظل رمزاً ومثالاً لعاصمة قلبه وحبه، مسقط رأسه "الزلفي"، وربعه وأقاربه وأصدقائه وجماعته، كما ظل يتقدم وفودهم لخدمة بلاده انطلاقاً من المحافظة التي ولد ونشأ فيها. كثير من الشباب تعلموا منه الاعتماد على النفس لشق طريقهم في العمل التجاري، المبني على الصدق والنزاهة ومخافة الله في السر والعلن، بل إن كثيرا من العرب والأجانب من المسلمين وغير المسلمين كانوا يضربون الأمثال لكل عملائهم في دول العالم بشيخ تجار "الساعات" الغزالي. أبا علي "غفر الله له" كان شيخاً في زهده، ورعه، ووسطيته في كل شيء يخص أمور الدين والدنيا، ووقفاته مع كل من عرفه وتعامل معه لا تعد ولا تحصى. كان "رحمة الله عليه" أميراً في جوده، كرمه، وعطائه، دون دعايه أو إعلان أو مبالغة، فالعقلانية، الهدوء، والاعتدال كانت ديدنه في كل مناسبة بذل وعطاء. منذ عرفنا "أبو علي" في سني الطفولة، كانت النظرات إليه كرمز ومدرسة، شعارها في الحياة كُن متواضعاً بسيطاً نزيهاً قوياً في الحق، متسامحاً عند المقدرة، يُحبكَ الله ويسكنك قلوب البشر. في الخير والإحسان ومساعدة المحتاجين يبذل الغالي من الجاه والمال، إذ لم يترك مجالاً من أوجه العطاء والبناء حيثما وجد في الجنوب أو الشمال، إلا دعمه، وبالذات في مسقط رأسه، وعلى الرغم من عدم اهتمامه بالرياضة كثيرا قناعة منه بأن هناك ما هو أولى بالدعم، إلا أنه كان من رواد دعم مناشط ومنافسات الفروسية. كثيرون للغزالي سيفتقدون، لكن البركة في أبنائه البررة. خالص العزاء وصادق المواساة لكافة أقاربه ومحبيه، سائلين العلي القدير أن يجمعنا به في الفردوس الأعلى.