استحوذت على اهتمام كبير المحادثات التي جرت بين زعيم تيار «المستقبل» الرئيس سعد الحريري وبين رئيس الكتلة الرئيس فؤاد السنيورة الذي انتقل لهذا الغرض ليل أول أمس، إلى الرياض في المملكة العربية السعودية، وشارك فيها النائب نهاد المشنوق والدكتور رضوان السيد ومدير مكتب الحريري نادر الحريري، وفي إطار المشاورات الجارية حول تشكيل الحكومة الجامعة والأسباب التي حالت دون ولادتها كما كان متوقعاً، على اهتمام الأوساط السياسية اللبنانية. ومع أن مصادر قيادية في «المستقبل» تتجنب تسليط الأضواء على طبيعة هذه المحادثات وما دار فيها من تبادل للأفكار تتعلق بتشكيل الحكومة العتيدة وتؤكد أن الأجواء التي سادتها ستكون حاضرة في المشاورات التي سيجريها الرئيس السنيورة مع رئيسي الجمهورية ميشال سليمان والرئيس المكلف تشكيلها تمام سلام ورئيس «جبهة النضال الوطني» وليد جنبلاط، بعدما قرر رئيس المجلس النيابي نبيه بري الامتناع عن تشغيل محركاته بذريعة أنه «خدم عسكريته» ولا يرغب في التدخل مجدداً، فإن مصادر مواكبة لما آلت إليه هذه المشاورات أكدت لـ «الحياة» أن المشكلة تكمن في إصرار «حزب الله» على إسناد حقيبة الطاقة إلى حليفه زعيم «التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون خلافاً للاتفاق على تطبيق مبدأ المداورة في توزيع الحقائب. وقالت المصادر نفسها إن إصرار «حزب الله» على التضامن مع عون في مطالبته بإسناد الطاقة إلى «تكتل التغيير والإصلاح» كان وراء الخلل الذي أصاب الاتفاق الذي رعاه بري وتعامل معه الجميع كإطار سياسي لتشكيل حكومة جامعة قبل أن ينقلب الحزب على موقفه ويتراجع عن التزامه في هذا الخصوص. واستغربت المصادر ما اشيع اخيراً عن أن تأخير ولادة الحكومة عالق بسبب تريث «المستقبل» في حسم اسم مرشحه لتولي وزارة الداخلية. واعتبرت أن إدراج تأخير تشكيل الحكومة في خانة «المستقبل» محاولة لصرف الأنظار عن العقدة الأساسية التي تواجه الإسراع في ولادتها وتقع على عاتق تحالف عون و «حزب الله». وسألت عمن يقف وراء خرق ورقة التفاهم الواجب اعتمادها كأساس لتأليفها والتي تقوم على أربع نقاط: تطبيق المداورة في توزيع الحقائب، وتشكيل الحكومة من ثلاث ثمانيات والالتزام بإعلان بعبدا وترحيل ثلاثية الجيش والشعب والمقاومة إلى طاولة الحوار. كما سألت لماذا يصر البعض على تحميل «المستقبل» مسؤولية إعاقة التأليف، خصوصاً أنه سبق لجميع المكونات المدعوة إلى المشاركة فيها، أن سارعت الى الإشادة بموقف الحريري المؤيد لجلوس «المستقبل» مع «حزب الله» إلى طاولة واحدة في مجلس الوزراء انطلاقاً من تأكيده على ربط النزاع معه؟ ولفتت إلى عدم اعتراض «المستقبل» على إسناد حقيبة الخارجية إلى ممثل عن «التغيير»، على رغم أن إسنادها يعطي قوى 8 آذار وحليفها عون حقيبتين سياديتين، المال والخارجية. وقالت: ألا يحق لقوى 14 آذار أن تعامل بالمثل؟ وأكدت أن الحريري قدم كل التسهيلات لمصلحة الإسراع في تشكيل الحكومة في مقابل لجوء البعض إلى خرق القواعد المتفق عليها لتشكيلها، وبالتالي يطلب منه التنازل الذي يمكن أن يفتح الباب على مصراعيه لابتزازه في توزيع الحقاب وهذا ما هو حاصل الآن. وقالت إن لا علاقة لتأخير تشكيل الحكومة باختيار من يمثل «المستقبل» في الداخلية، ورأت أن من يروج لذلك يريد الهروب إلى الأمام بدلاً من أن يشهر سلاح الموقف في وجه من وافق على المداورة وسرعان ما انقلب عليها. وتابعت المصادر أن تشكيل الحكومة من صلاحية سلام بالتشاور مع سليمان وأن «المستقبل» لم يركض وراء الحقائب الوزارية، ولم يطلب ثمناً للتسهيلات التي قدمها الحريري لأنه أراد إخراج البلد من الفراغ إحساساً منه بالمسؤولية تجاه الأوضاع السائدة فيه وضرورة الاستجابة لحاجات اللبنانيين ومطالبهم. ورأت أن لا مانع لدى «المستقبل» من الانفتاح على الجميع والتواصل مع «التيار الوطني» لكنه لن يكون طرفاً في توظيف انفتاحه لابتزاز هذا الفريق أو ذاك في محاولة للالتفات على المبادئ التي يفترض بالجميع التسليم بها لتسهيل التأليف. وأكدت أنه لم يعد من مكان للمناورة وأن الساعات المقبلة ستكون حاسمة في تقرير مصير الحكومة والذي يخل بالمبادئ عليه أن يتحمل المسؤولية بدلاً من أن يلقيها على عاتق الآخرين. وقالت إن «المستقبل» يرفض وضع «فيتو» من الآخرين على مرشحيه للحكومة، وسألت ما الجدوى من تصنيفهم بين صقور وحمائم وكأن جميع من يمثل الفريق الآخر هم من الحمائم.