لا يكاد يمر يوم بدون أن نقرأ ونسمع ونشاهد أخبارا صادمة عن جرائم بحق الأهل وليتبين لاحقا أن الزوج كان مصابا بأمراض عقلية ونفسية وسلوكية حادة أو يعاني الإدمان أو متورط بالإجرام، وتقريبا في جميع تلك الحالات كانت هذه المشاكل الخطيرة في الزوج من قبل الزواج وأخفى هو وأهله حقيقة حاله الخطير عن أهل الزوجة، ولو عرفوا بها لما وافقوا على تزويجه ابنتهم، فكثير من الأهالي وللأسف البالغ يتبعون المقولة الشعبية «زوجوه يعقل» أي عندما يرى الوالدان ولدهما صائعا ضائعا وبدل تشجيعه على العلاج المتخصص يقومون بتزويجه كأن الزواج هو حل سحري يصلح الإنسان تلقائيا! وقد يحصل التدليس أيضا بالمقابل على أهل الزوج، مع العلم أنه يجري باستمرار التشديد على حرمة التدليس بالنسبة لمظهر المرأة في الرؤية الشرعية كوصل شعرها ليظهر أطول وبالمكياج والعدسات اللاصقة الملونة، ولا يتم تناول الوجه الأخطر للتدليس الذي يتسبب بجرائم ومآسٍ لا تعد ولا تحصى.. من العنف الأسري والبطالة وكثرة الطلاق والخلع مرورا بجرائم تعذيب وقتل الأطفال والأزواج والانتحار وليس انتهاء بإفساد الأبناء وهربهم من الأب المختل إلى أحضان الجريمة والجماعات الإرهابية وتكاليف قضاياها على الدولة، مع قصور في توعية الناس بعقوبة التدليس الأخروية وبأخطر وجه للتدليس والغش والخداع (من غشنا فليس منا، والمكر والخداع في النار) صححه الألباني. «في النار؛ عقوبته جهنم» وغش ودلس الشيء؛ كتم وأخفى عيوبه وأظهره على نحو حسن زائف يخالف حقيقته، ورأي جمهور الفقهاء أن التدليس من أحد الزوجين يجعل للمدلس عليه حق فسخ عقد النكاح، وللزوجين حق اشتراط خلو الزوج من صفات سيئة معينة، ويحق للمدلس عليه الادعاء لدى القضاء ويعزر المدلس بعقوبة. كما أن أهل الفتاة عندما يسألون عن الخاطب يتحرج الناس من ذكر عيوبه ويعتبرون أنه حرام فضحه ويؤثرون كتم عيوبه من باب الستر على المسلم، مع أن هذا يخالف سنة النبي عليه السلام الذي كان يبين عيوب الخاطبين لمن يسأله عنهم، كما روي في الصحيح لما سألت امرأة النبي عليه السلام عن خاطبين خطبوها فقال: (أما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه – كناية عن كثرة ضربه للنساء - وأما معاوية فصعلوك لا مال له) مسلم. ولهذا يجدر أن يسن قانون يلزم ببيان العيوب الخطيرة في الخاطب ويعاقب من يدلس بكتمها، وأن يكون لأهل الفتاة خيار الاستعلام من الجهات الرسمية عن السجل الأمني والصحي للخاطب.