تسبح جزر فورني في محيط من الصمت، وهي لا تظهر في أي عمل أساسي من أعمال التاريخ الكلاسيكي، ولم يكتب أي شاعر رومانسي في يوم من الأيام عن وضع قدميه في المياه الضحلة، ومع ذلك اكتشف علماء الآثار أن المياه القريبة من هذا الأرخبيل اليوناني القديم هي بمنزلة مثلث برمودا، وهي عبارة عن مقبرة سفن غارقة في بحر إيجه. وعثر صيادو الأسماك والغواصون على الإسفنج، والأكاديميون اليونانيون والبريطانيون والأميركيون على هياكل 23 سفينة فقدت منذ أمد طويل، وذلك في وقت لا يتجاوز ثلاثة أسابيع، وهو الأمر الذي قفز بعدد السفن المكتشفة هناك إلى 45 سفينة، وقد تم استكشاف أقل من نصف ساحل الجزر، وهو الأمر الذي يشير إلى أن عشرات من هياكل السفن لا تزال جاثمة فوق قاع البحر. وقال بيتر كامبيل، العالم الاختصاصي بالآثار تحت المياه من جامعة ساوثامبتون، الذي أدار البحث، إن الطريق تبدو مثل ممر خيبر المستخدم للشحن البحري منذ ألفي عام، وعلى وجه التحديد منذ القرن الخامس قبل الميلاد. ويبعد أرخبيل فورني نحو 40 ميلاً إلى الغرب من تركيا، وإلى غربيه تقع المياه الضحلة التي المقابلة لايكاريا، وإلى الشرق هناك جزر ساموس التي كانت تعتبر جنة القراصنة، وبالنسبة إلى أي تاجر ينقل البضائع بين بحر إيجه أو البحر الأسود وبين قبرص وسوريا ومصر، فإن فورني سيبدو مثل مصادفة سعيدة. وقال كامبل: في الحقيقية، يعتبر هذا مكاناً خاصاً، ويتعين عليك أن تمر به، وأضاف: هذا حجم هائل جداً من الشحن، مليء بالمناظر الطبيعية، وبدأ المشروع قبل عام تقريباً، عندما أظهر صياد أسماك محلي خريطة مرسومة باليد لحطام سفن، وعرضها على جورج كوتسوفليكس، وهو عالم آثار بحري. واعتبر العثور على الخريطة حدثاً تاريخياً. وتعود أقدم سفينة مكتشفة حتى هذا اليوم إلى الفترة الواقعة بين عامي 525 و480 قبل الميلاد، وهي مليئة بجرار خزفية كبيرة تعرف بالأنفورا. ومن بين أكثر الأشياء التي تم العثور عليها بروزاً، هناك مرساتان قديمتان هما الأكبر اللتان يتم العثور عليهما في بحر إيجه. المصباح الصغير وقال كامبيل: لقد وجدنا مصباحاً صغيراً بحجم اليد يظهر شخصاً يحمله ويمضي به على سطح المركب، ويعد أمراً يستعصي على التصديق أن شيئاً صغيراً وهشاً للغاية يمكن أن يقدر له البقاء على امتداد ألفي عام. ويراوح نطاق الحطام الآخر بين سفن البضائع التي يعتقد أنها تعود إلى المرحلة الهيلينية، أي الفترة المقتربة التي أعقبت حكم الإسكندر الأكبر إلى أوائل القرن التاسع عشر. وقد حملت سفينة تنتمي إلى العهد الروماني المتأخر بأدوات المائدة، وحملت سفن أخرى منتجات من مناطق بعيدة تمتد من إسبانيا وشمال أفريقيا، وقد تمت حراسة المواقع الخاصة بالسفن حتى لا ينهب اللصوص محتوياتها. تفسير علمي قال د. بيتر كامبيل، العالم الاختصاصي بالآثار: هذا ليس مثلث برمودا، بمعنى أنه نوع من فخاخ السفن، أو أن هناك أي شيء سحري يجري، إنه في الواقع دالة على الحجم الهائل لحركة السفن المارة من البحر وبحر إيجه وصولاً إلى مصر. وتعتبر جزيرة فورني مكاناً آمناً للسفن، ولكن بين كل فترة وأخرى ترسو إحدى السفن وتدفعها الأمواج تجاه الصخور، أو تنطلق على غير هدى وتتحطم على الصخور.