د. عارف الشيخ القرآن الكريم كلام الله عز وجل من غير شك، لكن مع ذلك فإن بعض الملحدين أو ضعفاء الإيمان يجيزون لأنفسهم أن يسألوا: هل القرآن كلام الله؟ وبالفعل فإن شخصاً سألني مثل هذا السؤال، فقال إنه سمع أحدهم في النت من خلال إحدى حلقات الفيديو يتساءل: هل القرآن كلام الله أم كلام محمد؟ ورغم أني لا أريد التمادي في طرح مثل هذه الأسئلة إلا أنني أقول: السكوت ليس حلاً، ونهي الناس عن طرح مثل هذا السؤال ليس حلاً أيضاً، لأن أهل الشكوك موجودون في كل زمان، ومحاولة إقناع الناس بالحجة والدليل هو الحل العلمي والعملي. نعم.. القرآن الكريم بأجزائه الثلاثين وسوره المئة وأربع عشرة كلام الله تعالى الذي أنزله بواسطة جبريل عليه السلام على قلب محمد صلى الله عليه وسلم خلال 23 سنة. حاول كفار قريش أن يطعنوا في القرآن الكريم والقرآن كان ينزل، فقالوا: إنه من كلام محمد ومن يكون محمد حتى يدعي أن الوحي ينزل عليه، ولم لم ينزل على أبي جهل وأبي لهب وعقبة وأمية وغيرهم من صناديد قريش؟. لكن الله سبحانه وتعالى وقف لهم بالمرصاد وسد عليهم الباب قائلاً: قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا (الآية 88 من سورة الإسراء). 1- ولكي يثبت الله تعالى لهم أنه ليس من كلام محمد تحداهم أن يأتوا بعشر سور مثله، ثم تحداهم أن يأتوا بمثل أصغر سورة فلم يستطيعوا، ثم تحداهم في آية ولم يستطيعوا رغم أنهم فطاحلة اللغة والفصاحة، قال تعالى: أم يقولون افتراه قل فأتوا بعشر سور مثله مفتريات، ثم قال: فأتوا بسورة من مثله، إذاً كونه نزل بلغتهم ولم يستطيعوا أن يأتوا بمثله، فهذا هو الدليل الأول على أنه كلام الله تعالى. 2- كونه خالياً من أي خطأ أو سهو أو نقص دليل آخر على أنه كلام الله تعالى، لأن كلام البشر مهما يبلغ من الكمال معرض للخطأ والسهو والنقصان، قال تعالى: ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً (الآية 82 من سورة النساء). 3- يقول الله تعالى: إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون (الآية 9 من سورة الحجر)، وقد حاول المغرضون عبر 15 قرناً أن يغيروا حرفاً واحداً فيه فلم يستطيعوا، وهو الكتاب الوحيد الذي يحفظه الصغير والكبير عن ظهر قلب. 4- القرآن الكريم يشتمل على أحكام وقصص وعقائد، وقد حاول البشر أن يصدروا تشريعات تلغي القرآن الكريم، لكنهم لم يستطيعوا لأن تشريعات القرآن مقرونة بالإعجاز. 5- القرآن الكريم أخبر بأمور غيبية منها ما تحقق ومنها ما لم يتحقق بعد، وهي ما أصبحت اليوم العلوم الحديثة تكشفها سنة بعد سنة، ولا أدل على ذلك من أحوال الجنين والفلك والكواكب والبحار وغيرها. يقول الشيخ عبدالكريم الزنداني: التقينا مرة ببروفيسور أمريكي يدعى مارشال جونسون، فقلنا له ذكر في القرآن أن الإنسان خلق أطواراً، فلما سمع - وكان قاعداً - وقف وقال: أطواراً؟ قلنا له: نعم أخبر القرآن منذ القرن السابع الميلادي أن الإنسان خلق أطواراً، ثم قرأنا عليه قوله تعالى: يخلقكم في بطون أمهاتكم خلقاً من بعد خلق في ظلمات ثلاث، وقرأنا عليه قوله تعالى: ما لكم لا ترجون لله وقارا وقد خلقكم أطوارا. جلس البروفيسور على الكرسي مندهشاً وقال: لا يمكن أن يحصل هذا في ذلك الوقت إلا لثلاثة احتمالات: أ - كان محمد يملك ميكروسكوبات ضخمة درس بها الأشياء. ب - صدر منه مصادفة. ج - هو رسول الله. ثم قال البروفيسور: الأول والثاني غير واردين، إذاً الثالث هو الصحيح. 6- نقرأ في كثير من الآيات عتاباً من الله تعالى لمحمد صلى الله عليه وسلم، وهل يعقل أن يكون القرآن الكريم كلام محمد، ومع ذلك يورد مثل هذه الآيات وهي تحرجه مع قومه وتتلى على مدى الزمن؟ قال تعالى: عبس وتولى أن جاءه الأعمى.. إلى آخر الآيات. أيبقى بعد هذا في نفسك شك أيها السائل أن القرآن الكريم هو كلام الله تعالى المعجز لكل البشر.