دفعت برودة أجواء السراة في منطقة الباحة والأجواء الممطرة والضبابية وميل درجات الحرارة لأدنى معدلاتها على قطاع السراة مع توشح قطاع تهامة الخضرة والدفء المهتمين بتربية نحل العسل والمواشي للتوجه بقوافلهم إلى تهامة مودعين جبال السراة إلى أكثر من أربعة أشهر تقريبًا خوفًا من نفوق النحل والمواشي من شدة البرودة القارسة. وبدأت تهامة الباحة في استقبال الزوار الباحثين عن الدفء في السهول إلى جانب مربي المواشي وكذلك النحالين، حيث استقبلت خلال أقل من شهر ما يزيد على أكثر من خمسة آلاف رأس من الأغنام و3 آلاف خلية نحل للعسل. وقال عبدالله الغامدي لقد توجهنا إلى تهامة بعد أن تدنت درجات الحرارة وكذلك الضباب، حيث إن أغلب الرعاة لا يساعد معهم الرعي في هذه الأجواء الشتوية ونقوم بنقل الأغنام عبر الشاحنات ونعمل لها أدوار قد تحمل 400 رأس من الأغنام ويشير الغامدي إلى أن الاعتماد على الشعير والأعلاف يكلف أموال باهضة مما نضطر للنزول إلى تهامة بحثا عن العشب، ويقول عبدالرحمن الزهراني: أصحاب المواشي ينتقلون إلى المناطق الدافئة خلال الشتاء، حيث يتجنبون الأجواء الشتوية حماية للمواشي وللصغار منها وكذلك أن هطول الأمطار إلى القطاع التهامي ساعد في كثافة العشب في الأودية ونضطر أن نكون معها خلال هذه الفترة والتي تستغرق أكثر من خمسة شهور ويلحقنا خسائر في نقل المواشي وكذلك الصعوبة في الحصول على مواقع قريبة من الأودية ويقول عبدالله العامري «نحال» لقد وصل الفارق بين تجمعات الخلايا إلى أقل من عشرين مترًا في أغلب الأودية التي تكثر بها أشجار «الأثل» و»الضهيانة السمر» و»العرفج» و»النباتات العطرية» التي يتميز بها قطاع تهامة بمنطقة الباحة وغيرها من الشجيرات التي ينتج منها ما تعارف عليه النحالة بعسل «الخبت» أي السهل نسبة إلى سهولة تهامة. ويقول النحال سعيد الزهراني الذي يمتلك أكثر من 200 خلية: إن النحل لا يستطيع البقاء في مرتفعات السراة بسبب برودة الطقس، حيث يقوم النحالون بنقله إلى مناخ دافئ فهو يقوم بوضع مخزون من الغذاء من بداية الصيف ويسمى «الرّدْمْ» وذلك تحسبًا للنحل أنه سيعيش داخل الخلية في بياته الشتوي الذي تشتد فيه برودة الطقس والأمطار وبذلك يجد ما يقتات عليه من ذلك الغذاء حتى يحل فصل الصيف وتعتدل الأجواء. وعند نزولنا بخلايا النحل إلى السهول الدافئة نواجه صعوبة في تنظيف الخلايا وأحيانًا يستشعر ذلك النحل ويقوم بدور التنظيف بنفسه. فيما يقول النحال غرم الله علي: إن البرد يؤثر على النحل وبشكل كبير، ومع هذا فتهامة منطقة الباحة بديل متعارف عليه ورحلة لابد منها لكل نحال، فحر تهامة يحرك قوافل النحل باتجاه سراة المنطقة أما برودة أجوائها فتعيد القوافل باتجاه تهامة كما أن «الضهيانة» هي الغالب على عسل تهامة حتى وإن خالطها نوع آخر من الأشجار والشجيرات خلال هذه الفترة إلا أن «الأثل» الصافي يظل ما يتمناه المهتمون بتربية نحل العسل لكونه ألذ مذاقًا.