ما هو على كيفكم تقبلوا الوظيفة الحكومية وتدلعوا وتطالبوا برواتب مرتفعة، اتجهوا للقطاع الخاص والميدان». الجملة السابقة التي وردت في تقرير نشرته عكاظ يوم أمس لم يقلها شيخ عجوز يجلس على كرسي سعف في زاوية شارع جانبي في أحد الأحياء الشعبية يخاطب شبابا يلعبون البلوت في الزاوية المقابلة ويسمعهم يتحدثون عن تطلعهم لزيادة رواتبهم، ولم يقلها شيخ عجوز يجلس إلى شبة النار يخاطب أحفاده الذين يتململون من العمل ويأملون في زيادة رواتبهم، لم يقلها هذا الشيخ أو ذاك الشيخ لمثل هؤلاء الشباب أو أولئك بل قالها عضو في مجلس الشورى مخاطبا أجيالا من موظفي القطاع الحكومي يتطلعون لتحسين رواتبهم لتمكينهم من مواجهة أعباء المعيشة، ثقة منهم في حرص قيادة الدولة على كل ما فيه خير المواطنين وحرصها قبل ذلك على حسن الإصغاء لهم وتفهم كافة تطلعاتهم. وعضو الشورى الذي لم يتورع عن هذه التعبيرات التي تفتقر لأدنى درجات اللياقة واحترام من يخاطبهم مرددا (مو على كيفكم.. تدلعوا..) يعرف أن أولئك الذين يتطلعون إلى تحسين رواتبهم لا ينتظرون ذلك منه، غير أنه يتوهم أنه هو نفسه الدولة وهو نفسه صاحب القرار، وقد سبق أن قال في تصريح له (الموظف الحكومي نقول له هذه رواتبنا، وإذا لم تعجبك، فعندك حلول.. ولماذا تتمسك بنا)، وهكذا هو صاحب الرواتب «رواتبنا» والموظف الحكومي حين يتمسك بوظيفته فهو يتمسك به «لماذا تتمسك بنا» وما من خلط في الأمور يمكن له أن يبلغ هذا الحد من الخلط، فسيادة العضو يعرف أنه ليس أكثر من موظف حكومي وأن صوته في مجلس الشورى ليس بأكثر من صوت واحد من بين مئة وخمسين صوتا. وعضو مجلس الشورى الذي يطالب موظفي الدولة بالاتجاه للقطاع الخاص كي يجدوا ما يتطلعون إليه من تحسين دخلهم لا يعرف أنه بذلك يحرض موظفي الدولة على ترك وظائفهم بل ويغرس في أنفسهم وهم أن القطاع الخاص أكثر اقتدارا على توفير حياة أفضل لهم، وتلك إساءة للقطاع الحكومي وتفريغ له من الكفاءات العاملة فيه، وعضو الشورى الذي لم يتورع عن وصف موظفي الدولة بالدلع يعرف كم هو وصفه فج لو أن أحدا وصفه بالوصف نفسه.