إكرام الضيف عادة أصيلة محمودة، ومتوافرة لدى أغلب شعوب الأرض، تتفاوت بطريقتها من مجتمع لآخر، تتعمق وتتعملق صنوفها وطرائقها في بعض مناطق المملكة والخليج العربي، حينما تتحول هذه الصفة الجميلة في أحيان ونواح عدة إلى مأزق صحي واقتصادي بالغ الضرر! لا تستغرب حينما تجلس على المائدة، وبعد دقائق يرفع صاحب المنزل صوته: الأكل على قدر المحبة، أي أنك لا بد أن تأكل على مقدار محبتك له، والعبارة وإن كانت مجازية، فائقة الرقة والعذوبة، إلا أنها تكشف كيف أن عاداتنا في إكرام الضيف تشكل خطرا على الصحة العامة للكثيرين. لا تتفاجأ في ذات السياق، إن جلست وفوجئت بصاحب البيت يصب السمن على يدك وأنت تأكل الطعام، يجب أن تنسى تلك اللحظة تحديدا أن لديك دهونا ثلاثية أو كوليسترولا أو سكرا، وقد يهون العمرُ إلا ساعة!. النقطة الثانية أن إكرام الضيف ـ بالصورة الحالية ـ بات يشكل ضغطا اقتصاديا على موازنة الكثير من الأسر ذات الدخل المحدود. قبل سنوات حاول المسلسل الاجتماعي طاش ما طاش معالجة القضية، حينما صوّر رفض الضيف لقبول إكرامه بـالتيس والدجاج، وبحثه عن الخروف تحديدا، لكن الحلقة عرضت المشكلة دون أن تقدم الحلول، مثل هذا المقال الذي تقرؤون، ومقالات أخرى قد تكونون قرأتموها لزملاء آخرين! قبل أيام استضافنا أحد الأصدقاء في إحدى المناطق الرئيسة، وقدم لنا مائدة منزلية جميلة جدا، تحتوي مأكولات بحرية لذيذة، شكرته على هذا الوعي المتقدم، قال لي: ما فعلته اليوم لا أستطيع عمله حينما يأتي لي بعض جماعتي؛ لأنهم يرفضون إكرامهم إلا بـالمفاطيح، على الرغم من أن مائدة المأكولات البحرية أعلى سعرا من قيمة الخروف، وأكثر فائدة صحية لهم، لو كانوا يعلمون! الخلاصة: أناقش هذه القضية الشائكة وأنا جزء قصيْ من المشكلة، غير أنني مقتنع ـ أكثر من أي وقت ـ بأهمية ضبط وربط هذه العادات، لكن ليس عندي الاستعداد لـتعليق الجرس!. القضية بحاجة للعلاج من خلال منابر الجمعة، وحدها القادرة على إقناع الناس، أن ما يحدث يتعارض مع توجيهات الشارع الحكيم، الذي ينهى عن الإسراف والتبذير، فله آثاره الاقتصادية والصحية والاجتماعية!. الوطن