نشرت صحيفة البلاد بتاريخ يوم الجمعة 17″رمضان 1437 مقال للرفاعي عنوانه:” عقل وعاطفة”، وهذا المقال نشر بتاريخ 29/3/1385هـ الموافق 12/7/1965م. وقد حركني هذا المقال لأكتب كلمات وسطوراً عن رجل وفي؛ كريم صادق” فزّيع “! ومطلع حديث أخي الرفاعي يومئذ قوله:الصدفة المحضة جمعت بينهما عندي: العقاد المارد الجبار وطه حسين الإنسان الرقيق! كان الأول يتحدث بعمق عن “حقائق الإسلام، وكان الثاني يتحدث بإمتاع “على هامش السيرة”! وقال الرفاعي:كنت أقرأ الأول حيناً وأقرأ الآخر طريقة في القراءة أقاوم بها الملل”! بعض الأخيار ممن عرف أستاذنا وشيخنا الجليل محمد الحافظ وقد خالط ودرّس أجيالاً، من هؤلاء الذين عرفهم الحافظ وليسوا ممن يقيم في مدينة خاتم رسل الله، وإنما سعى أستاذنا الحافظ لمعرفة الرجال داخل هذا الوطن العزيز ورموز في العربية، يتابع أستاذنا بحيويته ونشاطه الدائب عبر ما يقرأ لهم لأنهم أعلام؛ والذين يعنى بهم أعني الأعلام الذين يقصدون الحرمين الشريفين أو يقرأ لهم بنهم، وكان الحجاز بابا مفتوحاً لمؤلفات أعلام الوطن العربي! وكانت المجلات الأدبية تحمل مع الصحف المصرية كل أسبوع تأتي بها باخرتان يملكهما بعض أغنياء مصر قبل غزو العسكر والقضاء على حماسة فكر الأعلام، لأن الحرية كانت متاحة والأعلام في مصر وبلاد الشام ولبنان! كانت أبواب الحرية مفتحة الأبواب والأعلام في الوطن العربي كانوا في القمة أمتاعا بأفكارهم النيّرة ونشاط لا يكبل بالسلاسل وإنما حرية الفكر كانت منتشرة عبر معطيات أولئك الأعلام المتميزون! والثقافة كانت تعميماً في الوطن العربي من مغربه إلى مشرقه، ومن شماله إلى جنوبه رغم أن سبل المواصلات كانت محدودة وقاصرة! كان هذا الفيض من الثقافة أغنى من الغذاء، وكان الأعلام من الأدباء والمثقفين (كتاباً وشعراء وصحافيون” ليس هدفهم السعي وراء المال والثراء، ولكن نشر المعرفة وانتشارها في الوطن العربي على شح انتشار وسائل النقل البحري والجوي، غير أن الثقافة بعامة كانت مطالع الانتشاء وأحلام الكتاب والشعراء منتشر إنتاجهم الثمين! كانت المؤلفات الثقافية ودواوين الشعر مشرعة، وقد عايشتها في أم القرى في باب السلام وفي الصدارة وفي المدينة المنورة، كانت الثقافة هي الغذاء الأول! وكانت صوالين المعرفة هي المطلب الأول قبل الغذاء، وملتقيات المثقفين في الصوالين والمقاهي المشهورة خارج المدن؛ وفي بيوت الكثير من الأدباء وهم موظفون في دواوين الدولة، وبقية أوقاتهم تجمعهم صوالين في بيوتهم على قلة دخلهم المادي المنحصر في مرتباتهم الشهرية المحدودة! لم يكونوا يهرعون إلى المال وإنما كنوزهم الأولى”المعرفة” حيثما وجدت، ولم يكن عندهم”جامعات” يدرسون فيها، وإنما همهم كما قال شاعرهم: أعز مكان في الدنا سرج سابح وخير جليس في الزمان كتاب وإذا جنحت إلى المجلات الثقافية الشهرية مثل:الكاتب المصري” ورئيس تحريرها الدكتور طه حسين” ومجلة الرسالة لأحمد حسن الزيات، ومجلة الثقافة لأحمد أمين، ومن نكد الدنيا كما قيل أن تعلق تلك المدارس الجادة الفكرية والأدبية واللغوية! ويحضرني آخر افتتاحية لمجلة الرسالة الأسبوعية للزيات، حين يتحدث عن مدارس تلك المجلات جامعة المعرفة! قال الزيات:إن الرسالة تغلق اليوم يعني بعد حركة”1952″م وقبل هذا العهد رغم دفع الضرائب للدولة كانت الرسالة تصدر في عصر الفساد، وفي عهد التحول تتوقف، لأن العصر الجديد سلطة تكبل الأيادي وليس بعصر نور كما يقول بعض الغافلين كما توقفت مجلة”الثقافة”لأحمد أمين، والعصر الجديد في نظر الواعين “ظلام”! وقبلها” الكاتب المصري”! وتركت مقال الفقيد الأستاذ عبدالعزيز الرفاعي:”عقل وعاطفة”الذي نشرته هذه الصحيفة بالعدد الصادر بتاريخ19/9/1437هـ الموافق 14/7/2016م والمقال عن العقاد وطه حسين وميل القراء إلى كل منهما! حيث كان مقال العقاد:”حقائق عن الإسلام، والمقابل كتاب طه حسين”على هامش السيرة”! وقراء الرجلين البارزين، شطر طحسني كحالي، وآخرون عقاديون، مثل أستاذنا احمد عبدالغفور عطار، والعقاد عند وصف الأستاذ الرفاعي له أنه:”فالعقاد يصفه الرفاعي بأنه المارد الجبار” وطه حسين”الإنسان الرقيق”! وأنا لا أختلف مع صديقي الرفاعي، ولعلي أقول إن الدكتور طه حسين يشط به القلم فنقرأ له ونراه يجنح إلى العنف أحياناً، والعقاد عنيف، والذي يقرأه في معركته مع” مكرم عبيد” وكانا ينشران في صحيفة” أخبار اليوم” وكان أعنف مقال كتبه العقاد عنوانه: لسنا عبيداً يا عبيد” فأخرس خصمه.