ربما أنا من جيل الطيبين الذين كانوا ينتظرون بداية العام الدراسي كي يحصلوا على زمزمية، وهي شنطة تشبه حافظة الطعام يقوم الأهل بوضع ما يلزم ابنهم وابنتهم، وتحتوي على ساندويتش ونوع أو نوعين من الفواكه وعصير وماء، التي كانت تغني عن الوقوف أمام شباك المقصف الذي لا يوجد به مثل الذي يعد في المنزل؛ حيث كانت المقاصف تبيع «الشوكولاه» والحلويات وأنواعاً من البطاطس (الشبس). أتذكر في تلك الأيام أنني كنت أرى الزمزمية أفضل من 3 ريالات مصروفاً يومياً لي، كنت أرى أن الزمزمية هي الرفاهية بحد ذاتها لا أن يكون في جيبي ريالات. بعضهم كان يظن أنها إشارة إلى الوضع المعيشي حين تأتي بوجبة الإفطار المخصصة لوقت الفسحة من المنزل، وبعضهم الآخر يرى فيها اهتماماً وخوفاً من الأهل عليك من أكل معلب لا يفيدك في يومك الدراسي. حقيقةً لم أكن أعي معناها، حتى انتقلت للدراسة في كندا حين وجدت أن الأغلبية يحملون حافظة طعام (الزمزمية) من البرفيسور ونزولاً، ونوعية الأكل فيها تخبر عن سر الصحة في الأشخاص الذين يعتمدون على جلب إفطارهم أو وجبة الغداء معهم من المنزل. في بحث بعنوان السمنة في الأطفال كنت أنا وأختي التي تدرس في كلية الطب مشاركين فيه، وكانت العينة هي المدارس الابتدائية في منطقة مكة، ومن ضمن الاستبيانات التي كنّا نجمعها كنّا ندرك سر البدانة المنتشرة بين الأطفال أحد أهم أسبابها السلوك الغذائي في المدرسة والمنزل الذي يختفي تماماً منه الاهتمام بنوعية الأكل. أيضاً اتكال الأهل على رغبة الأطفال في الحصول على المصروف ليكونوا كبقية أقرانهم، والسبب الجوهري الشركة المشغلة للمقاصف بعيدة تماماً عن التغذية، وإنما شركة تسعى للربح فقط، فهي لا تراعي عدد السعرات الحرارية الموجودة فيما يقدم من تلك المقاصف. إحدى الإحصائيات في العام 2015م أظهرت أن السمنة في السعودية بين الأطفال اكتسحت ثلاثة ملايين طفل بسبب الاعتماد على الوجبات السريعة والمشروبات الغازية، وقلة التمارين الرياضية، إلى جانب ضعف كفاءة الحصص الرياضية في المدارس، التي تمثل 10% فقط في مدارس الأولاد بينما تنعدم هذه النسبة لدى مدارس البنات كليًا. فاصلة الختام تبقى من الإجازة الصيفية أقل من شهرين، تستطيع وزارة التعليم بالتعاون مع وزارة الصحة طرح مشروع الإمداد الغذائي للمدارس بمساعدة خريجي التغذية في إعادة تصحيح سلوك طلاب وطالبات المدارس بالتوعية الغذائية، ومعرفة مخاطر هذه العادات على الصحة البدنية والعقلية، شعار الحملة جاهز (بابا أبغى زمزمية).