في مشهد من مسلسل «موجــة حارة»، يــــــــأمر ضابط القسم بتعذيب رجــل لا يــستــطيــع الإمساك به متلبساً. وبدلاً من أن يقطع المشهد ليترك المشاهد يتخيل أساليب التعذيب المعروفة، فإنه يواصل تصوير المخبرين وهما يجران الرجل من ملابسه ويحضران عصا ليصبح المشهد أكثر قسوة وعنفاً، خصوصاً حين يصوّره الضابط بكاميرا جهازه المحمول، ثم يعرض الفيديو متباهياً. وعلى رغم أننا نعرف أن الضابط (أياد نصار) يطارد الرجل، القواد، منذ فترة ولا يستطيع الإمساك به إلا أننا لا نتعاطف معه، ويصبح شقيقه، الصحافي المعارض (رمزي لينر) لسان حالنا حين يثور غضباً ويقول لشقيقه إنه لم يكن يتصور أنه وصل إلى هذا المستوى من التدني. في هذا المسلسل أيضاً اختراقات أخرى لقائمة المحظورات التلفزيونية، منها ما يخص العلاقات المثلية بين النساء والإقرار بوجودها. ومثل هذه الملامح التي كانت ممنوعة أصبحت مفهومة من دون إفراط، وفي وضوح لا يسمح للمعنى بأن يتسرب من المشاهد في عمل يضع لافتة في مقدمة الحلقات تقول «إن الحياة تمتلئ بألوان من القسوة تفوق الخيال، ونحن لسنا صناع هذه القسوة، لكننا شهودها». وأياً كانت مقدرة هذه الكلمات على إثارة غضب بعضنا من مشاهد اخترقت سقف المسموح به، فإن السؤال الأهم هو: هل المشاهد مبررة درامياً أم مختلقة؟ لكنّ «موجة حارة» ليس وحده في هذا الموقف، ففي مسلسل «بدون ذكر أسماء» اختراق لمحظورات أخرى، مثل لجوء بطله «عاطف» (أحمد الفيشاوي) إلى خرابة بجانب الركن الذي يبيع فيه البسبوسة، حيث توجد تلك المنطقة المهجورة وراء المبنى المواجه وحيث ذهب إليها للمرة الأولى ليمارس الجنس مع «مبسوطة» (روبي) بدعوة من صديقه «رجب» ليرفه عنه. لم تكن هناك مشاهد مباشرة، لكنّ معرفة الموقف وبساطته كانت الأكثر أهمية في إطار ما كان ممنوعاً من الخوض فيه على الشاشات. ولأن السياسة كانت الهم المسيطر على أجواء العمل في هذا المسلسل وأعمال أخرى مثل «فرعون» و«تحت الأرض» و «ربيع الغضب» و «على كف عفريت» فإن الحديث عن عنصري الثالوث المحرم الآخرين، تحول هنا إلى التفاصيل التي تصل بنا إلى ربط كليهما بالسياسة، وهو ما نراه من خلال شخصية الداعية «سعد العجاتي» في «موجة حارة»، بينما تحتل هذه القضية المساحة الأهم في «الداعية». أما الحديث عن تجاوزات الأمن والصراع مع السياسيين ورجال المال فهي فكرة ممتدة بين أعمال عدة، يكشف بعضها عن عمق الأزمة الداخلية لدى أجهزة السلطة. وهو ما تلمحه بوضوح في «تحت الأرض» للكاتب هشام جلال والمخرج حاتم علي والذي يتتبع هذا العالم بروية وكأنه يمشي على سلك شائك. من حق المشاهد أن يتمتع بأعمال واضحة فكرياً، صريحة مع البلاغة اللازمة لتنجو من فخ التدني، ويقيناً أن لائحة الممنوعات ستذهب مع الريح قريباً في ظل كل ما نراه على الشاشات.. وخارجها.